تعددت الأحاديث النبوية الشريفة التي تكشف الفوائد والمنافع الغذائية والعلاجية لعسل النحل، فقد جاء في الحديث الصحيح الذي رواه ابن ماجة وأحمد عن عبد الله بن مسعود قال صلى الله عليه وسلم: “عليكم بالشفاءين العسل والقرآن”.. وفي سنن ابن ماجة من حديث أبي هريرة “من لعق ثلاث غدوات منه كل شهر لم يصبه عظيم البلاء”.
هذان الحديثان النبويان الكريمان وغيرهما تتضمن إشارات واضحة وصريحة إلى فوائد العسل ومنافعه الغذائية والعلاجية تبرهن على صدق كل ما نطق به رسول الله صلى الله عليه وسلم وتؤكد أنه لا ينطق عن الهوى، وأن الله سبحانه وتعالى قد ألهمه بكثير من النبوءات والحقائق التي كشف عنها العلم الحديث.
غذاء متكامل
والعسل غذاء طبيعي صاف، خال من الجراثيم، لذيذ الطعم، يحتوي على عدد كبير من السعرات الحرارية. وقد أثبتت التحاليل التي أجريت على عدة عينات من عسل النحل أن كل مائة جرام منه تحتوي على 20 جرام ماء، 3.0 جرام بروتين، 5.79 جرام كربوهيدرات، 4.0 ملليجرام فيتامين “ب1” و4.0 ملليجرام فيتامين “ب2” و3.0 ملليجرام فيتامين حمض نيكوتنيك، 4.0 ملليجرام فيتامين “ج”، 2.0 ملليجرام حمض بانتوثنيك، 50 ملليجراماً حمض ستريك، 5 ملليجرامات صوديوم، 10 ملليجرامات بوتاسيوم، 5 ملليجرامات كالسيوم، 6 ملليجرامات ماغنسيوم، 29.0 ملليجرام منجنيز، 9.0 ملليجرام حديد، 2.0 ملليجرام نحاس، 16 ملليجرام فسفور، 5 ملليجرامات كبريت. وتعطي كل مائة جرام من عسل النحل حوالي 294 سعرا حراريا للجسم، لذلك فهو يمنح الطاقة المطلوبة بسرعة، وبطريقة متوازنة، وبكميات قليلة نسبيا. كذلك يتميز عسل النحل عن المواد السكرية الأخرى بسهولة امتصاص الأمعاء له وبتنشيطها، وبأنه لا يضر الجدار الداخلي للجهاز الهضمي، وبأنه أخف وطأة على الكلى من المواد السكرية الأخرى، كما أن له تأثيرا ملينا ومهدئا للأعصاب، ويفيد في تعويض السكريات التي يستهلكها الجسم نتيجة لبذل المجهود الجسماني والذهني، ويتميز عسل النحل باحتوائه على مواد مثبطة لنمو الجراثيم وعلى مركب الماء الأكسجين ذات التأثير القاتل للجراثيم، كما يمتاز بارتفاع تركيز السكريات التي تصل إلى 80% من محتوياته، وبمقاومته للفساد لمدة طويلة إذا تم حفظه بعيدا عن الرطوبة.
ضعط الدم والكبد
أما عن استخدام عسل النحل في الشفاء من الأمراض فأثبتت الأبحاث الطبية المتنوعة قدرة عسل النحل على شفاء كثير من الأمراض.
في علاج ضغط الدم بينت الدراسات المعملية أن وضع ملعقتين كبيرتين من عسل النحل على كوب فاتر من أي سائل (ماء لبن ينسون) وشربه قبل الإفطار بساعة وقبل العشاء بساعة يحدث تأثيرا متوازنا في خفض ضغط الدم المرتفع، مع إنقاص كمية ملح الطعام التي تناولها المريض، وذلك في حالات ضغط الدم البسيط والمتوسط..
أما في حالات ارتفاع ضغط الدم الشديد فيستخدم عسل النحل كعامل مساعد، وبالنسبة للمرضى المصابين بانخفاض ضغط الدم فإن عسل النحل لا يخفض ضغطهم أكثر لأنه ضابط للضغط فقط، لكونه ذا قدرة عالية على توسيع الأوعية الدموية وتقليل المقاومة الطرفية لجدران هذه الأوعية، كما أن عسل النحل له قدرة فائقة على إدرار البول من دون التأثير في نسبة أملاح البوتاسيوم والماغنسيوم في الدم، بينما يؤدي استخدام مدرات البول الدوائية إلى اضطراب ضربات القلب التي تؤثر سلبيا في قدرة القلب على الانقباض.
وعسل النحل يحتوي على أنزيمات هاضمة مثل “الأميليز والانفرتيز” وهو مصدر جيد للطاقة، لأن السكريات الموجودة به قابلة للهضم والتمثيل بشكل فوري.
وعسل النحل يفيد مرضى الالتهاب الكبدي الحاد، وقد اكتسب عند الأطباء شهرة كبيرة في ذلك، فهو للكبد مثل الطاقة الكهربائية للبطارية، فترك البطارية من دون شحن يجعلها تتلف، وكذلك ترك الكبد من دون سكريات يعرضه لترسيب الدهون في خلاياه، وفي هذه الحالة يكفي أن يأخذ مريض الالتهاب الكبدي الفيروسي الحاد والكلام على لسان الدكتور الزيادي خمسين جراما من العسل ثلاث مرات يوميا.
كما يفيد عسل النحل مرضى الكبد الذين يعانون من أمراض مزمنة مثل التليف والالتهابات الكبدية المزمنة حيث يحتوي عسل النحل على مادة منشطة لوظائف الكبد، بالإضافة إلى الفيتامينات والمعادن والبروتين والأنزيمات.. ومن هنا فإن استعمال 25 جراما من العسل ثلاث مرات يوميا يعطي لمريض الكبد المزمن الحيوية والنشاط، ويبعد عنه الخمول والكسل.. لكن ينبغي أن يعرف مرضى الكبد أن الإكثار من عسل النحل في هذه الحالات غير مستحب وزيادة الجرعات منه قد تسبب مشكلات لمرضى الكبد خاصة أن 30% منهم معرضون للإصابة بمرض السكر.
مرضى السرطان
وعسل النحل من الأغذية المفيدة جدا لمرضى سرطان الكبد الأولي.. فمن الظواهر الإكلينيكية لسرطان الكبد الأولي كما يقول الأطباء انخفاض نسبة السكر في دم المريض مما يسبب له الدوخة والصداع والهبوط.. ويعتبر عسل النحل طاقة جاهزة تسري من الأمعاء إلى الدم بصورة فورية دون انتظار أي عمليات كيماوية، حيث إن سكر العسل هو سكر أحادي التركيب.
وإلى جانب فوائد عسل النحل الغذائية لمرضى السرطان هناك فوائد علاجية للعسل حيث أمكن عزل وتصنيف العديد من المركبات التي لها تأثير قاتل للخلايا السرطانية من صمغ النحل البرازيلي، ويتم ذلك بوقف نشاط الخلية السرطانية.
وفي علاج القرح المزمنة جاءت نتائج الأبحاث التي أجريت في العديد من دول العالم لتؤكد قدرة عسل النحل وصمغ العسل على سرعة التئام القرح مع خلو هذا العلاج من الآثار الجانبية.. فصمغ العسل له كفاءة عالية في قتل الميكروبات، بالإضافة إلى كونه منشطا مناعيا غير نوعي، كما يستخدم عسل النحل بصفة عامة في علاج الجروح، ونزلات البرد، وأمراض أمعاء الأطفال، والأمراض المعدية مثل التيفوس والملاريا والدوسنتاريا، والتهاب الحلق والحمى القرمزية والحصبة والتسمم، وغيرها من الأمراض.. وما زالت الدراسات والأبحاث والتجارب المعملية عن عسل النحل ومشتقاته مستمرة في المراكز الطبية في كثير من بلاد العالم، من أجل اكتشاف علاج للعديد من الأمراض العادية والخطيرة والمستعصية.. وكل هذه التجارب وما تكشف عنه الأبحاث العلمية الجادة من حقائق علمية حول فوائد عسل النحل الغذائية والعلاجية تؤكد مصداق ما جاء في كتاب الله سبحانه وفي سنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم.. فالله سبحانه وتعالى قد قرر ذلك في كتابه الحكيم حين قال: “يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون”.. والرسول صلوات الله وسلامه عليه قال في حديثه الصحيح: “عليكم بالشفاءين العسل والقرآن".
