البتانون

عزيزى
انت غيـــر مسجل .. بــــــادر بالتسجيل معنا
كى تتمكــــن من الاطـــــلاع على مواضيعـنا


البتانون

عزيزى
انت غيـــر مسجل .. بــــــادر بالتسجيل معنا
كى تتمكــــن من الاطـــــلاع على مواضيعـنا


البتانون
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

البتانون


 
الرئيسيةالبوابةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 حرب غزة.. قراءة في الصحافة الصهيونية والتقارير الدولية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
مرسى2010
مشـــــــــــــــــــــــــرف
مشـــــــــــــــــــــــــرف
مرسى2010


علـــم الدولــــة : حرب غزة.. قراءة في الصحافة الصهيونية والتقارير الدولية Female31

حرب غزة.. قراءة في الصحافة الصهيونية والتقارير الدولية Empty
مُساهمةموضوع: حرب غزة.. قراءة في الصحافة الصهيونية والتقارير الدولية   حرب غزة.. قراءة في الصحافة الصهيونية والتقارير الدولية Emptyالجمعة 15 يناير - 19:13

حرب غزة.. قراءة في الصحافة الصهيونية والتقارير الدولية
دراسة أعدها .. د / عادل فهمي

حرب غزة.. قراءة في الصحافة الصهيونية والتقارير الدولية Ooo-oo10


<DIV align="right"><STRONG>

 

  

- العملية الأكثر تخطيطًا في تاريخ الصراع

 

ها قد مر عام على حرب غزة التي بدأت يوم 27 ديسمبر 2008 وانتهت يوم 18 يناير 2009 بإعلان إسرائيل إيقاف إطلاق النار من جانب واحد؛ ولكن نيرانها السياسية والحقوقية والمستقبلية لم تتوقف حتى الآن. ولقد تميزت حرب غزة والتي سمتها إسرائيل بحرب "الرصاص المصهور" بأنها "العملية الأكثر تخطيطًا في تاريخ حروب الكيان الصهيوني" (1)؛ إذ "تم الإعداد لها في عام 2006 وتم أيضًا تدريب عليها مرتين قبل شنها" (2 ). و"سبق العملية استعدادات وجمع معلومات قامت بها المخابرات والاستخبارات على مدى فترة طويلة"(3). وفي أثناء التنفيذ، كان "كل مرحلة في حملة "رصاص مصهور" يعاد المصادقة عليها قبل تنفيذها، رغم أن الخطط سبق أن اجتازت مصادقات غير قليلة في السنتين الأخيرتين" (4).

 

اختيار توقيت الحرب

 توقيت تنفيذ الحرب حقق للصهاينة يدًا طليقةً تفعل في غزة ما تشاء، وخفف عنها الضغوط السياسية التي قد يمارسها المجمع الدولي، على الأقل في بداية الحرب، يقول ناحوم برنياع ويعقوب شيفر: "عندما استقر الرأي على العملية، تم الحديث كثيرًا عن نافذة الزمن التي أعطتها إسرائيل الأعياد المسيحية. بين عيد الميلاد ونهاية السنة يكون العالم المسيحي مشغولاً بالاحتفالات لا بإخماد الحرائق في الشرق الأوسط، وموعد مهم آخر هو 20 يناير/ كانون الثاني، يوم أداء أوباما اليمين الدستورية. لا تريد الحكومة بدء علاقاتها بالرئيس الجديد بداية سيئًا"(5). أي أن التوقيت جاء في المرحلة الانتقالية بين إدارتين أمريكيتين: إدارة بوش التي منحت تفويضًا كاملاً لإسرائيل كما في حرب لبنان الثانية، وإدارة جديدة تتنصل من مسئولياتها الأخلاقية تجاه هذه الحرب بدعوى أنها لم تستلم بعد.

 

خطة خداع حماس

"الاستعدادات للعملية أنشأت حلفًا جديدًا بين أولمرت وباراك وإشكنازي، كان الثلاثة شركاء في السر، وأشركوا تسيبي ليفني في جزء من المعلومات فقط، بحسب أقوال واحد من المشاركين: وُجدت اتصالات بحكومات أجنبية تمت من وراء ظهرها، ولم يشركوا وزراء المجلس الوزاري المصغر قط، فقد خافوا من أن يتسرب ما يُبلغ به المجلس الوزاري المصغر، فلقد تسرب مضمون جلسة المجلس الوزاري المصغر التي أجازت العملية كله إلى الإعلام، بالرغم من ذلك، نجحوا بمساعدة طائفة من الحيل بإحراز مباغتة تكتيكية: 

* كان إسهام أولمرت في الحيلة إعلانه بأنه سيعقد نقاشًا آخر حول العملية يوم الأحد 28/12.

 

* وكان إسهام باراك في الحيلة فتح المعابر لقافلة غذاء في يوم الخميس 25/12، وهو إجراء جلب عليه النقد ممن لم يكونوا شركاء في سر العملية. 

 

* كان قرار المهاجمة في السبت: فإسرائيل لا يُفترض أن تبدأ حروبًا في السبت. 

 

زادت المباغتة أعداد القتلى، فقد كانت منشآت حماس التي هوجمت آهلة، وتمت مراسم التخريج في مدرسة الشرطة في باحة مجمعات شرطة غزة. وكان مُهمًّا أيضًا قرار أن يُرسل في الموجة الأولى عدد كبير من الطائرات المقاتلة هاجمت دفعة واحدة بمباغتة تامة. ذكّر هذا بهجوم سلاح الجو الناجح في بداية حرب الأيام الستة"(6).

 

وزير الحرب باراك يُسرّب خطة الخداع
 

ولكن هذه المفاجأة الإستراتيجية أضعف تأثيرها تسرب قرار الحرب من المجلس الأمني المصغر، يقول بن كاسبيت: "في هياج المعركة، تضاءلت قصة تسريب قرار المجلس الأمني المصغر على بدء عملية عسكرية في غزة، وهو التسريب الذي جعل آلافًا من أفراد حماس يتركون مواقعهم ويدخلون أنفاقهم. كان باراك نفسه هو الذي أراد أن يوقع الوزراء على تصريحات سرية شخصية مع انقضاء جلسة المجلس الأمني المصغر، كي لا تسرب أو تشوش المفاجأة الإستراتيجية لحماس. في نهاية الأمر كما تعلمون تسرب ذلك إلى الخارج، وهو تسرب اتهم به باراك ليفني، واتهمت به ليفني باراك. 

 

ليس كلاهما على حق تمامًا، ولا على خطأ تمامًا، وإن تكن رواية ليفني أكثر صلابةً بقليل: ففي الحقيقة أنها خطبت خطبة قتالية في يوم الأربعاء مساء- 24/12- في منتدى سياسي لكنها لم تقل هناك أي شيء لم تقله عشرات المرات قبل ذلك. أما باراك، فمضى إلى منتدى نسيم مشعل، وأعلن أنه أمر الجيش بالاستعداد للعملية"(7). 

 

نجاح جزئي لخطة الخداع:

"على أية حال تلقت حماس التحذير ونزلت تحت الأرض. كان الأمر يحتاج إلى عملية خداع محكم في يومي الخميس والجمعة والسبت لإخراج أفراد حماس إلى الخارج مرة أخرى:
* خرج جنود جولاني إلى السبت في بيوتهم بلغط كبير، فقد تحدث الجميع عن ذلك بالهواتف المحمولة، إذ تملك حماس معدات تنصت متطورة.

 

* وفُتحت المعابر للإمدادات الإنسانية؛ بالرغم من أن باراك علم أن الإعلام سيوجه إليه النقد لذلك، بل تلقى طلب لائحة اتهام بالخيانة من آري الداد.

 

* وقال ديوان رئيس الحكومة إنه لن توجد مباحثات عن غزة قبل يوم الأحد.

 

نجحت الخدعة نجاحًا جزئيًّا فقط، فلم يخرج الجميع من أنفاقهم. في الأصل كان يُفترض أن تفقد حماس في الهجوم الأول من 600 إلى 700 من النشطاء لا 250 ناشطًا، من جهة أخرى، 250 أفضل من لا شيء "(8). هؤلاء من يسميهم بن كاسبيت نشطاء هم في واقع جنود وضباط في شرطة غزة، وهم هيئة مدنية طبقًا لأحكام الدولي لا يجوز استهدافهم بالقصف. 

 

حرب بتنسيق كامل بين كافة أجهزة الكيان

 في مراحل الإعداد والتنفيذ كان هناك تنسيق كامل بين كافة أجهزة الدولة في الكيان التي لها صلة بالعمليات العسكرية والجانب الإعلامي منها، يقول بن كاسبيت "بدأ الأمر بضربة جوية مخطط لها، ودقيقة وفتاكة، عمل نموذجي استخباري، وغرفة حرب مشتركة بين الشاباك والجيش الإسرائيلي لأول مرة في ساعة الحرب"(9). "في الساعة الحادية عشرة قبل الظهر، قبل دقائق من هجوم سلاح الجو الأول، أعلن أشكنازي انتقال إلى "ساعة قتال"، بدّل مقر القيادة العام للجيش الصهيوني القرص، ونزل إلى وكر القيادة، قائد ساحة القتال هو أشكنازي، وقائد ساحة العمليات هو قائد المنطقة الجنوبية يوآف غلنت من القيادة في بئر السبع. وعيدو ناحوشتاين قائد سلاح الجو، بتنسيق تام مع غلنت، يتولى قيادة الميدان الجوي من وكر قيادة سلاح الجو في الكرياه. يوجد بين وكر مقر القيادة العامة ووكر سلاح الجو ممر تحت الأرض. 

 

وجبهة أخرى لا مثيل لها في أهميتها هي قيادة الجبهة الداخلية. ليست هذه أول مرة، لكن حان وقت الاستيعاب: قيادة الجبهة الداخلية هي سلاح مقاتل. تحمل متان فلنائي ذلك كمشروع شخصي مع اللواء يائير جولان. النتائج ملحوظة في الميدان. 

 

جهاز الشاباك راسخ رسوخًا عميقًا في هذا النسيج، تعمل غرفة عمليات مشتركة للجيش الصهيوني والشاباك في بئر السبع وتل أبيب. ومحور أشكنازي- ديسكن (10)، أكثر وثاقة مما كان دائمًا. 

 

تتم ثلاثة تقديرات وضع رئيسية كل يوم في السادسة والنصف صباحًا، وفي الرابعة والنصف بعد الظهر، وقبل منتصف الليل بقليل، استخبارات الشاباك وشعبة الاستخبارات موترتان حتى آخر النزاع وتحاولان مجاراة الأحداث وإصدار تقديرات، ومقاصد وأهداف. 

 

اختفت الضبابية التي لفتنا في حرب لبنان الثانية كأن لم تكن، فهنالك جهاز إعلام منظم، وحديث واعٍ وموضوعي، في كل ما يتعلق بطريقة استعمال القوة يثور انطباع أن الجيش الإسرائيلي تعلم دروس فينوجراد"(11).

 

إعداد كامل للجبهة الداخلية

قيادة الجبهة الداخلية هي المسئولة عن إجراءات الحماية للداخل الصهيوني والتعامل مع احتمالات حدوث الخسائر البشرية، ومحاولة التقليل منها، والتعامل أيضًا مع الإصابات البشرية أو الاقتصادية أو العمرانية، يقول ناحوم برنياع: "تأخذ الحكومة في حسابها إمكان إجلاء جماعي عن البلدات. هذا أيضًا درس من حرب لبنان الثانية. وستكون قيادة الجبهة الداخلية التي غابت في حرب لبنان الثانية العنوان الرئيس في بلدات غلاف غزة، ظهر ضباط في البزات العسكرية أمس في كل مكان من عسقلان إلى سديروت ونتيفوت، تمت استعدادات لإسكان عشرات الآلاف من بلدات مدنية، عدم التحصين في الجنوب يقتضي تعجيل العملية وإنهاءها سريعًا قدر المستطاع.

 

أعلن وزير الدفاع حالة طوارئ، لم يحدث هذا في حرب لبنان الثانية، وكان من جملة أسباب ذلك معارضة المالية، يُمكن الإعلان قيادة الجبهة الداخلية من السيطرة على القيادة" (12).

 

2-الحملة الأضخم في تاريخ الجيش الصهيوني

حرب الرصاص المصهور- حسب أحد مخططيها- هي "الحملة الأضخم في تاريخ الجيش الصهيوني" (13)، وهي "الجولة الأكثر نزفًا في الصراع"(14)، فلقد كان يوم 27 ديسمبر 2008 هو اليوم الأكثر دموية في تاريخ الاحتلال، وكان "إيهود أولمرت هو أول رئيس حكومة يدير حربًا بلا حساب، وهو متحرر من قيود السياسة واستطلاعات الرأي"(15). سلط الصهاينة على قطاع غزة في هذه الحرب أحدث ما تملكه من أسلحة في حرب منفلتة من كل عقال قانوني أو أخلاقي، أو على حد تعبير الكاتب الإسرائيلي ميرون بنبنستي "رب البيت جُن" (16).

 

نعم هي الحملة الأضخم في تاريخ الصراع للحشد العسكري السياسي الصهيوني الكبير لهذه الحرب، والاختلال الكبير في موازين القوى المادية بين طرفي الحرب، وكم ونوعية السلاح الإسرائيلي المستخدم فيها، ولظروف قطاع غزة الذي أنهكه الجوع والحصار.

 

وهي الحملة الأضخم أيضًا لما تميزت به- على حد قول المفوض الأممي لحقوق الإنسان اليهودي الأمريكي ريتشارد فالك "سياسة حرب لم يسبق لها مثيل"(17)، ولما اُرتكب فيها من جرائم حرب ودمار هائل لم تصدقه عينا غولدستون نفسه، وهو اليهودي المتعاطف مع إسرائيل وصاحب الماضي الصهيوني.

 

حرب هي "أكثر الحروب وحشية في تاريخ العدو"(18)، هدفها "إعادة غزة إلى القرون الوسطى"(19)، وطالت كل شبر في غزة، واصطلى بنارها كل فرد في القطاع الصامد، وطالت أيضًا كل بناء في غزة حتى المباني المحمية بالقانون الدولي مثل مباني الأمم المتحدة وأساسيات الحياة كالمستشفيات ومطاحن الدقيق ومزارع الدواجن وآبار المياه ومحطات الصرف الصحي ومحطات الطاقة والأراضي الزراعية حتى أن لجنة جون دوغارد سمت تقريرها: "لا مكان آمن"(20). 

 

وبدلاً من أن يأتي المطر بالخير، سلط الصهاينة على غزة أمطار أسلحتهم من الفسفور الأبيض الذي يصهر البشر والحديد حتى إن (هيومان رايتس ووتش) سمت تقريرها عن الحرب: "أمطار النار"(21).

 

وبدلاً من أن تسد الصهاينة حاجات القطاع بصفته دولة احتلال ملزمة بذلك طبقًا لاتفاقية جنيف الرابعة والبروتوكول الإضافي، أنشأت مصانع لبتر الأطراف في القطاع الصامد حسب شهادة الطبيب النرويجي مادس جيلبرت الذي استطاع دخول القطاع هو وزميله إيريك فوس لإغاثة القطاع المنكوب.

 

هي أضخم حرب اعتمدت سياسة "شطب البيوت"(22)، وكانت الأوامر فيها "دمِّروا ١٠٠ منزل مقابل كل صاروخ يُطلق"(23).

 

نعم هي الحملة الأضخم في تاريخ الجيش الإسرائيلي لأسباب كثيرة ومتعددة. حرب ستظل محفورة في ذاكرة الصراع، وفي ذاكرة الأمة، كما أنها ستظل محفورة في سجل النضال الفلسطيني كحرب استطاعت فيها قوة مقاومة الصمود طيلة ثلاثة أسابيع أمام أكبر جيش في المنطقة وواحد من أفضل جيوش العالم. 

 

حرب بتوافق داخلي ودولي وتأييد إقليمي مستتر

"منذ بداية المعركة العسكرية في قطاع غزة ساد إجماع شبه تام في الساحة السياسية حول أهداف العملية وضرورتها. من اليمين ومن اليسار ساندوا قرار الحكومة الخروج في معركة ضد حماس"(24)، كما "تتمتع إسرائيل حاليًا بإسناد من الإدارة الأمريكية وبقدر كبير أيضًا من الدول في أوروبا. كما أنها تتمتع بتماثل مصالح نادر مع رؤساء الدول العربية المعتدلة. 

 

هذه الدول تنقل إلى القيادة الإسرائيلية رسائل حادة لا تقل عن تصريحات السياسيين الإسرائيليين: اضربوا حماس ولا تسمحوا لهنية بالتحول إلى نصر الله الثاني، في هذه الحرب يجب أن تخرج حماس مضروبة ومرضوضة بحيث لا ترفع الرأس لفترة طويلة"(25). 

 

وفي المقابل فقد نفى عمرو موسى أمين عام الجامعة العربية ذلك الادعاء الإسرائيلي وقال: "إن الادعاء الإسرائيلي وكأن الدول العربية أعطت موافقتها على العملية هو ادعاء كاذب". 

 

وقال موسى في مقابلة مع "الجزيرة" إن "الدول العربية تعارض الهجوم"(26).

 

ووقفت سلطة أوسلو موقف المحرض على الحرب والاستمرار فيها على ما سنبينه فيما بعد عند الحديث عن دور سلطة أوسلو في صنع مأساة الحصار ومأساة الحرب. 

 

حشد عسكري صهيوني كبير

"نشرت إسرائيل قواتها البحرية والجوية وجيشها في العملية التي أطلقت عليها الاسم الرمزي عملية "الرصاص المصبوب"، واشتملت العمليات العسكرية في قطاع غزة على مرحلتين رئيسيتين، مرحلة القصف الجوي والمرحلة الجوية الأرضية، واستمرت طوال الفترة من ٢٧ كانون الأول/ ديسمبر ٢٠٠٨ إلى ١٨ كانون الثاني/ يناير ٢٠٠9، وبدأ الهجوم الإسرائيلي بهجوم جوي استمر أسبوعًا، في الفترة من ٢٧ كانون الأول/ ديسمبر إلى ٣ كانون الثاني/ يناير ٢٠٠9م. 

 

وواصلت القوات الجوية القيام بدور هام في مساعدة وتغطية القوات الأرضية في الفترة من ٣ كانون الثاني/ يناير إلى ١٨ كانون الثاني/ يناير ٢٠٠9، وكان الجيش مسئولاً عن الغزو البري، الذي بدأ في ٣ كانون الثاني/ يناير ٢٠٠٩، عندما دخلت القوات البرية غزة من الشمال والشرق. 

 

وتشير المعلومات المتاحة إلى أن ألوية غولاني وجفعاتي والمظليين وألوية سلاح المدرعات الخمسة قد اشتركت في العملية. واستُخدمت البحرية جزئيًّا لقصف ساحل غزة أثناء العمليات"(27). 

 

بالإضافة إلى هذا الحجم الكبير من القوات، ففي يوم 28/12/2008 "أُعلن وزير الدفاع عن تجنيد احتياط بحجم 6700 رجل. هذه ليست الفرق لاحتلال غزة بل قوات تأتي لاستكمال القوة النظامية المقاتلة والمنظومات اللوجستية"(28)، ثم عادت إسرائيل "فجندت 2500 جندي"(29). ثم في يوم 3/1/2009 مع بدء الحرب البرية بادر الصهاينة إلى استدعاء قوات كبيرة أخرى من وحدات الاحتياط، يقول عاموس هرئيل: "أمس استدعي، بأوامر طوارئ، عدد كبير من وحدات الاحتياط، وستجتاز هذه ابتداء من اليوم تدريبات سريعة لعدة أيام لاستكمال الفجوات وإعداد قوة الاحتياط للمهمات التي ستكلف بها، لتأهيل هذه الوحدات استعدادًا لإمكانية أن يُلقى بها إلى المعركة. وهذا تطبيق لتعليمات المجلس الوزاري بالاستعداد للمراحل التالية"(30).

 

الفرق الشاسع في موازين القوى المادية

هذه هي الحملة الأضخم بالنظر إلى الفرق الشاسع في موازين القوى المادية بين الطرفين بما لا وجه للمقارنة بينهما مطلقًا، وبالنظر أيضًا إلى قدرات الأسلحة لدى الطرفين من حيث دقتها ومداها وقدراتها التدميرية ووسائل الحماية، يقول تقرير غولدستون: "تمتلك القوات المسلحة الإسرائيلية معدات متقدمة جدًّا كما أنها أحد من يتصدر سوق إنتاج بعض أكثر منتجات التكنولوجيا العسكرية المتاحة تقدمًا، بما في ذلك الطائرات الموجهة بلا طيار. وتوجد لديها قدرة كبيرة جدًّا على توجيه الضربات الدقيقة باستخدام مجموع متنوعة من الأساليب، بما في ذلك إطلاق المقذوفات المعنية من الجو والبر، وإذا أُخذت في الحسبان القدرة على التخطيط ووسائل تنفيذ الخطط بأكثر أشكال التكنولوجيا المتاحة تطورًا والبيانات الصادرة عن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية ومفادها أنه لم تحدث أخطاء تقريبًا، ترى البعثة أن الأحداث وأنماط الأحدث التي بُحثت في هذا التقرير قد جاءت نتيجة تخطيط متعمّد وقرارات متخذة على مستوى السياسات"(31).

 

أما الخصم وهو حماس، فكما يقول عاموس هرئيل وآفي يسسخروف: "السبب الرئيس في أنه لم يسد البلاد التعب الشديد الذي كان في أيام لبنان، هو أن عدد الإصابات هذه المرة ليس كبيرًا. حاليًا، يبدو أن قدرة حماس على الإضرار بالجبهة الداخلية محدودة، لقد كان لحزب الله على ما يبدو نحو 14 ألف صاروخ في بداية الحرب في لبنان. لدى حماس، بالتقدير غير الدقيق نحو 3 آلاف صاروخ، نحو 80 في المائة منها قسام، مستوى دقته ليس عاليًا وضرره قليل بشكل عام، هذا مقلق ومخيف نفسيًّا، ولكن لا يوجد هنا تهديد قادر على تحطيم روح إسرائيل، إذا واصلت القيادة السياسية والعسكرية إدارة المعركة كما ينبغي"(32).

 

كما أن الأرض التي تقاتل عليها حماس تعتبر أرضًا مكشوفة، يقول عوفر شيلح: "المنطقة ليست جبلية ومغطاة مثلما في لبنان، السيطرة على المعلومات الاستخبارية مطلقة، العدو مع كل الحذر ليس مدربًا ومنظمًا مثل حزب الله، توجد قدرة على استخدام الآليات الثقيلة، التي خشوا في لبنان جدًّا إدخالها إلى المعركة"(33).

 

 ولكن حتى لا نغمط المقاومة حقها، ولا نهدر أهمية ما اعتمدت عليه في مواجهة هذا الاختلال الهائل في موازين القوى، والذي سنتحدث تحت عنوان قوة الضعف وضعف القوة، نذكر هنا ما قاله عوفر شيلح في بدء الحرب البرية: "هذا لا يعني أن وزير الجيش ورئيس الأركان ضالان وراء هذا التفوق النسبي. إيهود باراك يعرف جيدًا أن الاختبار لم يبدأ أمس الأول ولن يكون اليوم، بل في الأيام المقبلة. التحرك إلى الأمام سيكون معناه الدخول بشكل أكثر كثافة إلى المناطق المبنية، والمخاطرة بحدث تأسيسي تسعى إليه حماس: ضربة هامة لقوة من الجيش الإسرائيلي، اختطاف جندي، تفجير دبابة في حفرة لغم كبيرة من النوع الذي أعد في غزة في السنتين الأخيرتين"(34).

 

ونذكر أيضًا أن هذا السلاح القليل الذي كانت تمتلكه حماس تعتبره إسرائيل "محطمًا للتوازن لقدرته على الوصول إلى عمق الكيان ومراكزه الحيوية وقواعدها الإستراتيجية"(35)، كما أن حماس تمتلك- كما يقول مات شانسيز مراسل وكالة (فوكس نيوز) الأمريكية- سلاحًا "لا تستطيع إسرائيل تملكه أو التغلب: سلاح المقاتل الفلسطيني"(36)، وتمتلك أيضًا سلاح الشعب الفلسطيني الصامد.

 

3- إستراتيجية قوة الضعف وضعف القوة

هناك عدة معطيات لفهم إستراتيجية المقاومة في إدارتها للحرب، وكيف تعاملت مع اختلال موازين القوى مع العدو، ومحاولة توظيف هذا الاختلال لصالحها؟ وكيف تعاملت أيضًا مع ضعف أو غياب الغطاء العربي والإسلامي لها؟ هذه الإستراتيجية تقوم على العناصر الأربعة الرئيسية التالية وهي:

 قوة الضعف: 

الشعب الفلسطيني لا يمكن مقارنته بجيش الاحتلال من حيث موازين القوى إلا أن لديه عناصر أخرى من القوة يمكن توظيفها والاستفادة منها، ولها وزنها في معادلات الصراع مع العدو. يأتي على رأس هذه العناصر صمود الشعب الفلسطيني، والبعد الديموجرافي، والرأي العام العربي والإسلامي والدولي. 

 

ضعف القوة: 

الكيان الصهيوني لديه من عناصر القوة الاقتصادية والعسكرية والعلمية والسياسية ما تنوء بحمله العصبة من الدول؛ ولكن في المقابل فإن لديها نقاط ضعف خطيرة، اللعب على وترها يهدد بتقويض أركانها، ويمكن للشعب الفلسطيني أن يحقق من خلالها مكاسب وانتصارات يعترف بها العدو نفسه قبل الصديق. يأتي على رأس نقاط الضعف هذه: العامل النفسي، وغياب العمق الإستراتيجي، ومحدودية وسوء الخيارات المتاحة. 

 

التكيف مع المتغيرات: 

التكيف مع المتغيرات يعني اللجوء إلى أساليب وتكتيكات لمواجهة إستراتيجيات العدو وتكتيكاته، بدون التفريط في الثوابت أو تغييب الأهداف الرئيسية. هذا التكيف يهدف إلى استمرار المقاومة، ومواجهة المتغيرات الإقليمية والدولية، وتحقيق مكاسب للقضية الفلسطينية. 

 

الاستخدام الأمثل للقوى المتاحة:

هذا العنصر يعني توظيف القدرات المتاحة لدى المقاومة، وكذلك توظيف الطبيعة الجغرافية والسكانية والعمرانية لقطاع غزة لتحقيق معادلة الردع، وحماية المقاومة، وإيقاع الخسائر بالعدو.

 

أهمية إستراتيجية ضعف القوة وقوة الضعف:

هذه الإستراتيجية تقف أمامها "إسرائيل" عاجزة تمامًا، تحقق فشلاً يتلوه فشل، وتحرز عجزًا يتلوه عجز. يتحدث كوبي نيف عن ذلك في لهجة تهكمية، وفي مرارة بالغة، فيقول: "يوجد لجميع قادتنا في الحقيقة طريقتان مجربتان. أي: فَشَلَتَا في كل اختبار وامتحان في القضاء على الإرهاب مرة بعد أخرى:

 

- إحداهما: بجميع أنواع "الوسائل المحكمة"، أي: جميع أنواع الحيل والخدع، التي تُكلف المليارات- ولا تساوي قرشًا- من الأسوار والجدران إلى جميع أنواع خطط التحصين الإلكترونية مع أسماء لعب حاسوب مثل "القبة الحديدية" أو "ستار الفولاذ" (القبة الحديدية أو ستار الفولاذ مشروع صهيوني لمواجهة صواريخ القسام والصواريخ قصيرة المدى كصواريخ الجراد والكاتيوشا، ولكنه لم يدخل الخدمة حتى الآن، وسنشير إليه فيما بعد في هذا الباب).

 

- الطريقة الثانية: المجربة أكثر، أي: التي فشلت مرات أكثر، وهي: العمل العسكري المتدحرج الذي يأخذ في الازدياد من يوم إلى يوم، إلى أن يصبح "العملية الكبيرة" التي تقضي على الإرهاب، في كل سنة أو سنتين، بدفعة واحدة وإلى الأبد. أن ما نسميه "إرهابًا" هو الطريقة الوحيدة الممكنة للشعب الفلسطيني لمحاربتنا" (كوبي نيف، إهلاك مكرر، معاريف، 22/1/2008م).

 

قـوة الضـعف

هذا هو العنصر الأساس في إدارة الصراع مع العدو، وكان له دوره الحاسم في حرب غزة. وفي هذا الفصل سنذكر مكونات هذا العنصر وأهمية كل منها من خلال أقوال الصهاينة أنفسهم: 

عناصر قوة الضعف: رؤية صهيونية

يعرّف الخبير الصهيوني في شئون الشرق الأوسط صمويل بار قوة الضعف، فيقول: "إنها القوة النسبية التي يحتفظ بها الطرف الضعيف في مواجهة الطرف القوي. يمكن لهذه القوة الاعتماد على واحدة من ثلاث إستراتيجيات، أو على تركيبة منها:

- تحييد المكونات الرئيسية للمزايا التي يتمتع بها الخصم وهذا يتم من خلال: 

 

- التوصل إلى دفاع لمواجهة التكتيكات، أو من خلال إيجاد ظروف تمنع العدو من استخدام تلك القدرات.

 

- عبر إيجاد وضع داخلي في المجتمع المستهدف يجعل الإذعان للضغوط أو التهديدات الردعية مستحيلاً عمليًّا.

 

- إصدار تهديدات معاكسة تشغل القوة المتفوقة، وتُضيّق الفسحة المتوفرة أمامها للمناورة" (صموئيل بار، التجربة الإسرائيلية في ردع المنظمات الإرهابية، مؤسسة السياسة والإستراتيجيا، ورقة مقدمة إلى مؤتمر هرتزيليا يناير كانون ثان 2007، مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، بيروت، لبنان، سلسلة ترجمات الزيتونة، العدد:24، نيسان أبريل 2007، ص: 18). 

 

عناصر قوة الضعف: وجهة نظر فلسطينية:

يورد عوفر شيلح عناصر قوة الضعف وارتباطها بنظرية الأمن القومي الفلسطيني وإستراتيجيته في مواجهة الاحتلال كما يراها المفكران الفلسطينيان محمد الفرا ووليد الخالدي، وهي:

- "قدرة الشعب الفلسطيني على الصمود.

- مركزية القضية الفلسطينية؛ حيث تكرّس الاعتراف الدولي والعربي بصورة عامة وخاصة بهم.

 

- الديموجرافيا (أي البعد السكاني)- سواء التجمع أو الشتات الفلسطيني- والذي يُصَعِّب على القوى المعادية للفلسطينيين أن تهزمهم بواسطة هجوم مركزي ومحدد. 

 

- القوة المتمثلة بالضعف، فغالبية الأضرار التي تصيب الفلسطينيين سلاح قوي إزاء "إسرائيل" العنيدة، القوية، والتي تبالغ في ردود فعلها" (عوفر شيلح، لصالح القضية الفلسطينية، يديعوت، 22/5/2006م). 

 

 

 

 

هذا هو العامل الأساس في الإدارة الفلسطينية لمواجهة العدوان: صمود المقاتل، وصمود الشعب، وصمود القيادة، بل وحتى صمود الأسير الفلسطيني في سجون الاحتلال. يقول عكيفا الدار: "عندما يسمع قادة حماس القادة الإسرائيليين- وهم يتفاخرون باستعادة الردع- يموتون من الضحك بالتأكيد. وهذا لا يعود فقط إلى الصواريخ التي تواصل ردع سكان عسقلان. فتهديد إلقاء المزيد من القنابل على غزة يردعهم مثلما تخيف عقوبة الموت استشهادي وهو في طريقه لتنفيذ عملية. إن كان كل قتيل في سديروت يضيف مقعدًا لليمين، فكل طفل يُقتل في غزة هو مقعد جديد لحماس.

 

الحصار المفروض على غزة- والذي ألحق ضررًا فادحًا بمصادر رزق الناس- هو تعزيز آخر لقوة حماس. على المحتل الذي يمنع المرضى من التوجه للمستشفيات والطلاب من التوجه لمقاعد دراستهم أن لا يستغرب أن ظهر في نظرهم كعدو للشعب الفلسطيني، وليس لحماس" (عكيفا الدار، الحرب في غزة رسخت مكانة حماس بخلاف ما يدعيه قادة إسرائيل، هاآرتس، 2/2/2009م). 

 

حتى الأسرى يتحدث عنهم عميت كوهين، فيقول: "أعلن السجناء لأقربائهم خارج السجن بأنه ليس لديهم أي نية للانثناء تحت الضغط. كل تصعيد صهيوني سيواجه بتصعيد من داخل السجن. يمكنهم أن يخوضوا إضرابًا عن الطعام أو يتخذوا إجراءات أخرى. القيادة في السجن تشدد على أن لحماس مطالب واضحة بالنسبة لصفقة شاليط. القيادة في السجن تؤيد هذه المطالب وليس لها نية لتغيير موقفها" (عميت كوهين، محافل فلسطينية: ديكل يضغط على السجناء لإقرار الصفقة، معاريف، 24/3/2009م).

 

عوامل الصمود الفلسطيني:

صمود الشعب الفلسطيني هو نتاج عناصر متعددة، عناصر الدين والثقافة، والبناء والتكوين، والفهم الصحيح للعدو:

 

1- العامل الديني: 

يقول صموئيل بار: "بروز إيديولوجية الشهادة- والقبول الاجتماعي واسع النطاق لها- يُطيح بالنظريات العسكرية القائمة على الردع" (صموئيل بار، التجربة الإسرائيلية في ردع المنظمات الإرهابية، مصدر سابق، ص:14)، ويقول بن كاسبيت: "محاربة الإرهاب من هذا النوع هي شيء مُعقد. يوجد ها هنا طراز متميز من منظمة الإخوان المسلمين. إذا ترددت "إسرائيل" أو خافت، فسيعلم العالم العربي كله، وسيعلم جميع الشهداء الذين يتكونون بإزائنا، أن "إسرائيل" قابلة للمس، وغير مصممة ولا مستعدة للمحاربة عن وجودها" (بن كاسبيت، وجهات نظر الساسة الإسرائيليين الكبار بالنظر إلى الحرب، معاريف، 9/1/2009م).

 

2- بناء الفرد:

يقول وليام سيجهارت: "من أو ما هي حماس؟ تلك المنظمة التي يريد وزير الدفاع الإسرائيلي أن يُزيلها كما لو كانت فيروسًا. إن القادة السياسيين لحركة حماس لربما كانوا من أكثر حملة المؤهلات العلمية العالية في العالم. فالحركة تفتخر بوجود أكثر من خمسمائة من حملة درجة الدكتوراه في صفوفها. وغالب عناصر الحركة من الطبقة الوسطى من المهنيين سواء أكانوا أطباء أو أطباء أسنان وعلميون ومهندسون. وأغلب قيادات الحركة درسوا في جامعات ليس فيها أي نوع من الكراهية الأيدلوجية تجاه الغرب" (ويليام سيجهارت، علينا أن نعدل الصورة المشوهة التي نحملها عن حماس، تايمز أون لاين، 31/12/2008م).

 

3- الفهم الصحيح لنفسية العدو:

يقول أوري هاينتر: "حماس فهموا نفسيتنا أكثر مما فهمنا نفسيتهم. نجحوا في الصمود في الحملة انطلاقًا من أننا سنتعب وسنكون أول من سيتراجع. لقد فهموا أنه بعد انتهاء الحملة وتَسْرِيح الاحتياط، لن تسارع "إسرائيل" إلى العودة إلى حملة أخرى" (أوري هايتنر، أسف لا مفر فلننطلق إلى رصاص مصهور 2، إسرائيل اليوم، 3/3/2009م).

 

من مظاهر الصمود الفلسطيني:

هناك صورتان أساسيتان لهذا الصمود الفلسطيني تثيران الإعجاب، وتُفشلان مخططات العدو، وتهدمان قواعد ثابتة في الفكر الإستراتيجي الصهيوني:

1- عدم الخضوع للإملاءآت:

يقول إسرائيل هرئيل تحت عنوان بالغ الدلالة "حماس كوت لنا وعينا": "خلال جلسة المجلس الوزاري قال أولمرت: بأنه لا يتوجب على "إسرائيل" أن تتصرف وكأنها قد فقدت ما تبقى لديها من قوة واحترام. ولكن حكومته تصرفت على هذا النحو بالضبط. خضعت "إسرائيل" لاملاءآت حماس في جزء جوهري من الصفقة وخصوصًا الموافقة العامة على إطلاق الأسرى بصورة جماعية.

 

إن كان الجيش قد انتصر، فلماذا تدفع الحكومة ثمنًا لا يدفعه إلا المهزومون؟ إن كان الأمر كذلك، فوعينا هو الذي كُوي. بينما يظهر أن وعي حماس قد بقي كما كان قبل المعركة، وربما تعزز وتقوى" (إسرائيل هرئيل، حماس كوت لنا وعينا، هاآرتس، 19/2/2009م). 

 

2- التمسك بخيار المقاومة: 

جدعون ليفي: "لم نُضعف حماس، فهذه الحرب زادت من قوة روح الصمود والثبات المصمم. يجب على الدولة التي ربَّت أجيالاً على روح ثبات القلة للكثرة، أن تعلم تقدير هذا الآن. لم يكن في هذه الحرب أي شك فيمن هو داوود؟ ومن هو جالوت؟ السكان في غزة الذين تلقوا ضربة بالغة جدًا، لن يصبحوا أكثر اعتدالاً بل العكس. سيوجه الشعور الوطني الآن لمواجهة من تسبب لهم في ذلك وهو دولة إسرائيل" (جدعون ليفي، فشل وثكل، هاآرتس، 22/1/2009م). 

 

الاكتظاظ البشري وقوة الضعف

يقول عاموس عوز: "هجوم بري على غزة من شأنه أن يؤدي إلى التورط وإلى الغرق في الوحل الغزي، الذي لا يبدو حياله الوحل اللبناني أكثر من بقعة ضحلة. مليون ونصف المليون إنسان يعيشون في غزة بكثافة، في الفقر، في المعاناة، وفي الحصار. هؤلاء الناس لن يصبحوا محبين لإسرائيل ولن يتلقوا منا حتى كيّا للوعي" (عاموس عوز، الحرب في الجنوب وقف نار الآن، يديعوت، 31/12/2008م). 

 

ويقول يغئال سيرينا: "غزة هي كارثة على عملية سلاح المشاة، ولمن يدخلها. هذه هي غزة التي هربنا منها كما في لبنان. لا باتفاق سياسي بل بانسحاب عسكري على عجل من غير أن ننظر إلى الخلف" (يغئال سيرينا، مسبوكة من رصاص قديم، يديعوت،28/12/2008م).

 

الاستفادة من الرأي العام العربي والدولي

الرأي العام العربي والدولي يمثلان قوة دعم كبير للشعب الفلسطيني، وعامل ردع للجموح الإسرائيلي. يقول ناحوم برنياع: "إسرائيل علقت غير مرة في الماضي في فترة من التنديد في الساحة الدولية. في كل مرة خرجنا من هذا بسلام، بفضل الفيتو الأمريكي، وبفضل حقيقة أن ليس كل العالم ضدنا. الورطة هذه المرة أصعب قليلا، ولا سيما بسبب التأثير الهائل لوسائل الإعلام الجديدة- قنوات التلفزيون العربية ومواقع الانترنت- على الرأي العام، وبسبب الحضور المكثف لمنظمات حقوق الإنسان وقدرتها على تحريك سياسات قضائية، حملات مقاطعة، قرارات من الحكومات في الغرب" (ناحوم برنياع، دروس رصاص مصبوب، يديعوت، 19/10/2009م).

 

حماس اكتسبت سيطرة في أوساط شعبية واسعة في الدول العربية باعتبارها ممثلة حقيقية للشعب الفلسطيني. حقيقة أن حماس لم تقاتل تقريبًا في العملية الأخيرة، لم تُعتبر دليلاً على ضعفها، وإنما تأكيدًا على قدرتها على لعب لعبة "الاستغماية" بنجاح في مواجهة الجيش الأقوى في الشرق الأوسط" (يوسي بيلين، أنا آسف: القوة لا تكفي، إسرائيل اليوم، 3/3/2009م).

 

4- أخطاء الكيان في حرب غزة

ارتكب الصهاينة في حرب غزة مجموعة من الأخطاء المركبة التي أثرت على مجريات الحرب، وعلى نتائجها. هذه الأخطاء هي:

حرب بدون قيادة مترابطة:

دخلت "إسرائيل" الحرب بقيادة ثلاثية منقسمة على ذاتها: أولمرت وباراك وليفني، تنعدم بينهم الثقة، تتجاذبهم صراعاتهم الانتخابية، وتتحكم في تصرفاتهم وقراراتهم خلافاتهم السياسية، أو كما يقول عنها عوفر شيلح: "انعدام ثقة متبادلة بين أعضائها، أو اتفاق على هدف حقيقي أو وسائل لتحقيقه" (عوفر شيلح، يتدحرجون إلى داخل غزة، معاريف، 1/1/2009م).

 

هذا الانقسام السياسي رافق الحملة منذ بدايتها، قالت "هاآرتس": "في الأسابيع التي سبقت القرار بحملة الرصاص المصهور وبقوة أكبر منذ الانطلاق إلى العملية يوم السبت، اشتعل جدال مغطى إعلاميًّا بين أولمرت وشريكيه الكبيرين في القيادة السياسية: وزير الدفاع إيهود باراك ووزيرة الخارجية تسيبي لفني. في بؤرة الخلاف، ومشادات على الخطوة العامة لما يلوح كنجاح عسكري في الأيام الأولى. وبدلاً من إظهار التضامن والتمسك بالمهمة، أولمرت، لفني وباراك ينشغلون ببناء صورتهم الإعلامية.

 

السكان التي تتعرض منازلهم للهجوم، والجنود الذين قد يكونون مطالبين باجتياح غزة، يحتاجون إلى أن يعرفوا بأنهم يعرضون أنفسهم للخطر من أجل هدف وطني، وليس كحجارة شطرنج في الملعب السياسي" (أسرة التحرير، نزاع شخصي في القيادة، هاآرتس، 2/1/2009م).

 

كانت ليفني تدرك أنه "إذا نجحت العملية سيكسب باراك. وإذا فشلت العملية ستخسر هي. بالنظر إلى هذا الوضع، يجب عليها أن تتحدث طول الوقت يمينًا، وأن تنظر بقلق يسارًا. يقول عدد من مستشاريها: إن كل يوم قتال يُسقط منها نصف نائب يزيده إلى باراك." (بن كاسبيت، وجهات نظر الساسة الإسرائيليين الكبار بالنظر إلى الحرب، معاريف، 9/1/2009م).

 

هذا الأمر سماه إيتان هابر رئيس ديوان إسحاق رابين باللعنة، فقال: "لعنة وقعت على دولة "إسرائيل": الانتخابات القريبة للكنيست تخلق أوضاعًا لا تُطاق للمتنافسين، وأساسًا لثلاثة زعماء في "إسرائيل". لشدة المشكلة، فإن لديهم ليس فقط دولة يديرونها، بل وحرب أيضًا.

 

لعنة كبيرة وقعت على إسرائيل" (إيتان هابر، الثلاثي غير المقدس إلى أين يقود إسرائيل المأزومة ؟، يديعوت، 16/1/2009م). 

 

حرب بغير خطة للنصر

يكشف موشيه أرنس وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق عن قصور الخطة الإسرائيلية للحرب، سواء على المستويين العسكري والسياسي فيقول: "بخلاف جميع دروس التاريخ، وبخلاف العقل المستقيم، أقنعت قيادتنا نفسها بتأييد وسائل الإعلام بأنه لم تعد توجد حروب ننتصر كما كان الأمر ذات مرة، أو لا يمكن أن نهزم الإرهاب بالقوة. 

 

في الحقيقة إن خطتنا تدل على أن قادتنا يتكلون على المصريين أن يدافعوا عنهم بمنع التهريب من سيناء. هذا بطبيعة الأمر أمل باطل. من المهم أن نذكر أيضًا أنه سيكون لامتناع "إسرائيل" عن هزيمة حماس أثار خطيرة" (موشيه آرنس، لا يحل لنا أن نرفض هزيمة حماس، هاآرتس، 14/1/2009م). 

 

ويقول الكاتب الإسرائيلي عاموس ريغف: "يوجد شيء يُسمى النصر. فقط إذا ما كان هناك التصميم السياسي، العسكري والمدني للوصول إليه. في الحرب في غزة، لم يكن هناك تصميم سياسي. ذات الزعماء الذين أغلقوا عيونهم أمام العنوان الواضح على الحائط، الذي كان يحذر من أن هذا سينتهي بالصواريخ على عسقلان وأسدود- ذات الزعماء هم الذين أمروا الجيش الإسرائيلي - بانعدام شهية - بشن الحرب" (عاموس ريغف، ما حققته إسرائيل على الأرض، إسرائيل اليوم، 18/1/2009م).

 

حرص مفرط على الحياة

"الحرص المفرط على الحياة" كان نظرية القتال الإسرائيلية الأساسية في غزة؛ مما جعل الجيش الإسرائيلي يخشى مواجهة حتى عجائز فلسطين، يتحدث الكاتب الإسرائيلي يونتان شم أور عن الجيش الإسرائيلي الذي لا يُقهر، ومدى شجاعته في حرب غزة، وكذلك مدى الجهد الذي بذلته المقاومة في مواجهة العدو، فيقول: "اسمع، قال لي ملح الأرض (يقصد أن هذه القصة سمعها من كل من خاض الحرب في غزة، أي أنها قصة متواترة بين القوات الغازية): كنت هناك. كل شيء كان مفخخًا، والأنفاق. أصدرت أمرًا واضحًا بإطلاق النار على كل من يتحرك. فقد بعثوا إلينا من قبل بنساء كبيرات في السن يحملن عبوات، سيارات إسعاف مليئة بالمواد المتفجرة. أنا لا آخذ على عاتقي المخاطر. إذا وضعت في جانب واحد مائة عربي أبرياء أمام جندي واحد من جنودي، فليس لدي أي تردد. وهو حقًا لم يتردد هناك.

 

في غزة أصبح نظرية القتال الرسمية للجيش الإسرائيلي. المهم ألا نُصاب، وليمت العالم. الآن هم يتحدثون هناك في الجيش عن المهنية، عن التعاون بين الأذرع، عن استيعاب التكنولوجيا العليا في ميدان القتال. ولكن هذه صغائر. دون شجاعة، لا قيمة لكل الترسانة التي في العالم. الشجاعة هي السلاح الحقيقي لكل جيش مظفر. الأزمنة تغيرت. نحن نحب الحياة أكثر من أي شيء آخر. نحن لا نريد أن نموت في الحروب. الخوف انتصر علينا أيضًا" (يونتان شم - أور، لا يأخذون المخاطر، معاريف، 26/3/2009م).

 

لقد أدت السياسة إلى فشل حملة الرصاص المصهور، وأدت إلى غضب دولي غير مسبوق على "إسرائيل"، يقول ناحوم برنياع: "عندما يكون صفر إصابات لقواتنا هو الهدف الأسمى، يتأخر قدر الإمكان الشروع في الحملة، نقصف غزة من الجو بدلاً من إدخال القوات البرية إليها، نُطلق كميات مبالغ فيها من النار أمام كل خطر، ومن اللحظة التي تبدأ فيها الحملة نستدعي بكل أنواع الطرق الملتوية الطلب لوقف النار. ما اعتبره الرأي العام في "إسرائيل" انتصارًا، الرأي العام في البلدان الأخرى اعتبره اعتداء من جيش حديث محمي جيدًا على سكان عديمي الحيلة" (ناحوم برنياع، دروس رصاص مصبوب، يديعوت، 19/10/2009م).

 

الاستخدام المفرط للقوة

يبين الكاتب الإسرائيلي آري شبيط خطورة الاستخدام المفرط للقوة ضد الفلسطينيين، وتأثير ذلك، فيقول: "في عام 1970م كانت "إسرائيل" غارقة في حرب استنزاف. في بداية تلك السنة حققت "إسرائيل" تفوقًا حاسمًا على مصر بفضل طائرات الفانتوم التي تلقتها من الولايات المتحدة. ولكن "إسرائيل" لم تكتف بذلك، وقصفت أهدافًا إستراتيجية في العمق المصري. كانت هذه خطة واحدة أكثر مما ينبغي. وقد أدت إلى أن يسارع الاتحاد السوفييتي إلى تزويد مصر بصواريخ مضادة للطائرات، وهذه عطلت التفوق الإسرائيلي، وقلبت النصر بالنقاط إلى تعادل محرج. بعد ثلاث سنوات من ذلك ولّد هذا التعادل حرب يوم الغفران. 

 

القاعدة هي قاعدة بن غوريونية بسيطة: لا لشدِّ الحبل أكثر مما ينبغي. استخدام القوة فقط عندما يكون هذا حيويًّا. ولما كانت "إسرائيل" ليست قوة عظمى، فإنه لا يمكنها أن تصل إلى حسم مطلق على خصومها. عليها أن تكتفي بأهداف محددة ومدروسة: أن تردع العدو، أن تضمن الهدوء بشكل عام، وأن تؤجل قدر الإمكان الحرب المقبلة" (آري شفيت، إذا كان أولمرت يريد أن يطهر نفسه: المطلوب إنهاء الرصاص المصهور بإنجاز محدود، هاآرتس، 15/1/2009م).

 

التوق اليائس لصورة النصر

لقد دفع "إسرائيل" توقها اليائس إلى صورة النصر إلى ارتكاب جرائم حرب أدَّت إلى آثار سياسية وخيمة، يقول جدعون ليفي: "وجه "إسرائيل" في العالم الآن: دبابات في شوارع غزة المشتعلة، المزيد المزيد من القتلى عبثًا، عشرات آلاف اللاجئين الجدد، وزيرة خارجية مغرورة على نحو مفزع، وتنديد ونبذ عالميين متعاظمين. حققنا أم لم نحقق شيئًا في الحرب فالآن لا يتحدث غير العطش للدماء. نزعة الثأر والتوق اليائس لصورة النصر على ظهر مئات آلاف المدنيين، صورة لن تتحقق أبدًا، حتى ولا مع مائة تصفية أخرى لزعماء حماس. من أيّد هذه الحرب ومن عارضها يجب أن يتحدوا الآن في صرخة عالية: كفى" (جدعون ليفي، كفى للجنون العطش للدماء ونزعة الثأر، هاآرتس، 16/1/2009م). عدم فهم طبيعة الشعب الفلسطينيما زالت القيادة الإسرائيلية تظن أنها تستطيع تركيع الشعب الفلسطيني، وفرض إرادتها عليه، وكسر صموده ومقاومته، يقول سيفر بلوتسكر "هدف الحملة تحقق: "إسرائيل" ردت بعصف على نار صواريخ حماس. هكذا قالت أمس الأول في مقابلة في الراديو وزيرة الخارجية تسيبي ليفني: "إذا كان رد عاصف الوسيلة الأساس في حملة رصاص مصهور فلا عجب في أن في أثنائها قُتل مدنيون فلسطينيون بهذه الكثرة، وزعماء من حماس بهذه القلة. وإذا كان الرد العاصف هو الوسيلة السليمة، فلا عجب في أنه في نهاية الحملة ستجد "إسرائيل" نفسها تُعيد قطاع غزة مرة أخرى إلى حكم حماس.  لندع للحظة جانبًا المسائل الأخلاقية، ولنسأل فقط سؤال المنفعة: هل هذا حقًا سيردع حماس؟ أشك في ذلك. في أثناء الحرب العالمية الثانية حاول الحلفاء كي وعي القيادة النازية بقصف كثيف على المدن الألمانية دون نجاح المدن مُحيت؛ أما الوعي فلم يتغير. من أجل إخضاع النازيين اضطرت جيوش الحلفاء إلى الوصول حتى برلين" (سيفر بلوتسكر، إسرائيل لا تريد الانتصار، يديعوت، 13/1/2009م). عدم الاستفادة من دروس التاريخ ودروس الحروب السابقةيتحدث الكاتب "الإسرائيلي" ألوف بن عن عدم استفادة "إسرائيل" من دروس التاريخ ودروس الحروب السابقة، وأثر ذلك في نتائج الحرب في غزة، فيقول: "الحرب قضية معقدة مع الكثير من عدم اليقين والمفاجآت، لكن توجد ظاهرة مكررة تسبب خسارة العمليات العسكرية، لِنُسمِّها "نقطة النشوة"، ويمكن تعريفها على هذا النحو: النجاح السريع في بدء المعركة يرفع معنويات القادة ويشجعهم على الاستمرار في القتال "حتى النصر"، اعتقادًا بأن استعمال قوة أخرى سيُفضي إلى إخضاع العدو المضروب. في هذه المرحلة تُرفض اقتراحات وقف إطلاق النار باحتقار. في هذه الأثناء يكون العدو قد أعاد تنظيم نفسه، ويغرق الإنجاز الأول في الوحل، ويتملّص النصر المضمون من بين الأصابع. وما يبدأ مثل نزهة لطيفة ينتهي ليس إلى استنزاف طويل فحسب، بل إلى خسارة لاذعة. كان جورج بوش الأب زعيمًا فريدًا من نوعه، أوقف التقدم في حرب الخليج في 1991م بعد تحرير الكويت السريع، ولم يُغْرِه ذلك إلى أن يطارد العراقيين إلى بغداد، وأخفق ابنه في نقطة النشوة بعد أن أسقط صدام سريعًا في 2003م، وأخطأ برؤى باطلة لجعل العراق ديمقراطية غربية، وكانت النتيجة استنزافًا ضعضع مكانة أمريكا كقوة كبرى مسيطرة على العالم. إيهود أولمرت في الحربين اللتين قادهما في لبنان وفي غزة، يصعب عليه أن يقف، فبدل أن يقف بعد العملية الجوية التي فاجأت العدو وأصابته بمكان مؤلم؛ اعتقد في 2006م، ويعتقد الآن أن النصر قريب ويصر على الاستمرار والضغط بعرضه شروطًا مفرطة لوقف إطلاق النار في الحالتين، كانت النتيجة متشابهة: إضعاف الإنجاز الأوليّ، وضعضعة التأييد الدولي والتكتل الداخلي"(37). سياسة عد الجثث كمعيار للإنجاز والنصرسياسة عد الجثث تلجأ إليها "إسرائيل" عندما تكون قواتها في وضع صعب، وعندما تفشل في تحقيق أهدافها من الحرب، مثلما حدث في حرب لبنان 2006م. يقول رءوبين بدهتسور: "في الأسابيع الأخيرة من الحرب على لبنان تبنى الجيش "الإسرائيلي" نهج إحصاء الجثث، فعندما يقوم الجيش الأكبر والأقوى في الشرق الأوسط بخوض منازلة طوال أكثر من أسبوعين مع خمسين مقاتلاً من حزب الله في بنت جبيل ولا ينجح في إخضاعهم؛ لا يتبقى أمام قادته إلا الإشارة إلى عدد جثث مقاتلي العدو. قال زئيف شيف إننا تلقينا صفعة. يبدو أن المصطلح الأكثر ملائمة هو ضربة قاضية"(38). 5- معايير النصر أو الهزيمة تحدث العسكريون والمحللون الصهاينة عن معايير النصر والهزيمة لكل من "إسرائيل" وحماس. فنصر الصهاينة في نظرهم معاييره هي:المعيار الأول: منع إطلاق الصواريخ، ومنع حماس من إعادة التسلح.  هذا هو المعيار الأساس للنصر، والهدف الذي من أجله شُنّت هذه الحرب، يقول موشيه أرنس وزير الحرب الصهيوني الأسبق: "إذا كان لحن النهاية قبل وقف إطلاق النار هو صوت انفجار الصواريخ التي تسقط على مدن "إسرائيل"، فإن هذا الأمر سيُفسر في العالم كله كأن حماس نجحت في هزيمة "إسرائيل". فضلا عن خطر أن تستغل حماس وقف إطلاق النار للعودة إلى التسلح بصواريخ وقذائف صاروخية، بعضها ذو مدى بعيد أكثر من تلك التي تملكها اليوم.  ستسبب هزيمة ثانية كهذه ضررًا لا يمكن إصلاحه بأمن إسرائيل"(39).  المعيار الثاني: القضاء على قيادة حماس يقول موشيه أرنس: "يمكن إسقاط حماس كمنظمة حرب فعالة بغير دخول غزة لمدة طويلة. يجب ببساطة أن نقتل أو أن نأسر أو أن نطرد عددًا كافيًا من رءوس المنظمة لكي نشلها.  ندما تمتنع "إسرائيل" عن عملية كهذه تُضطر إلى اتخاذ عمليات أقل فعلاً مثل: الحصار، والقصف، واختراق حاجز الصوت، أو عملية برية. تُحدث هذه ضررًا إنسانيًّا بغير إفضاء إلى النصر. فلماذا ترفض حكومتنا الانتصار؟"(40).  المعيار الثالث: تحقيق إنجاز سياسي يقول زئيف شترينهل: "الانتصار العسكري ليس هدفًا بحد ذاته، كانت هناك انتصارات كبيرة انتهت بهزائم وطنية، بدءًا من هانيبال الذي أحرز في حربه ضد الرومان أحد أكبر الانتصارات في التاريخ، وانتهاء بحرب حزيران التي كانت انتصارًا زاهرًا تلته مصيبة تاريخية. لذلك من الجدير تذكير الجمهور بأن الانتصار يقاس بنتائجه السياسية، وأن الهدف الحقيقي هو السلام"(41). المعيار الرابع: إطلاق جلعاد شاليط أَسْر جلعاد شاليط وبقاؤه في الأسر حتى الآن أمر مُهين للجيش الذي لا يقهر، ومُهين لأجهزة استخباراته المتعددة التي يدّعون أنها لا تغيب عنها شاردة ولا واردة، ومُهين أيضًا للمجتمع "الإسرائيلي" الذي لم يعد مستعدًا لبذل أية تضحية. لذا كان أمر تحريره مطلبًا مهمًّا، ومعيارًا أساسيًّا من معايير النصر. يقول شلومو جازيت رئيس الاستخبارات العسكرية "الإسرائيلية" الأسبق: "إن ما يتعرض لامتحان في قضية النصر سيحدده جواب سؤالين: الأول- وكان هذا على الأقل الهدف المعلن للعملية "الإسرائيلية"-: مسألة تجديد الردع "الإسرائيلي"، وال
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
حرب غزة.. قراءة في الصحافة الصهيونية والتقارير الدولية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» صحيفة إسرائيلية: فاروق حسنى يتحول من «بطل قومى» ضد الصهيونية إلى «خائن» ثمناً للفوز ب
» الحركة الصهيونية ودعوة نتنياهو... اسرائيل دولة يهودية ؟؟؟ !!!
»  مسرحية الفاشلين وأدناب الصهيونية العالميه فى أول تجربة ديموقراطية حقيقيه
» حكم قراءة القران على الميت
» حكم قراءة الفاتحة على قبور الأولياء ؟؟؟

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
البتانون :: المنتـــــــــــــــدى السياســـــــــــــــى-
انتقل الى: