البتانون

عزيزى
انت غيـــر مسجل .. بــــــادر بالتسجيل معنا
كى تتمكــــن من الاطـــــلاع على مواضيعـنا


البتانون

عزيزى
انت غيـــر مسجل .. بــــــادر بالتسجيل معنا
كى تتمكــــن من الاطـــــلاع على مواضيعـنا


البتانون
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

البتانون


 
الرئيسيةالبوابةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 إعادة بناء الثقة بين العالم الإسلامى والغرب

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
ماجد الجمسى
عضـــــــــو جديــــــــــــــد
ماجد الجمسى


علـــم الدولــــة : إعادة بناء الثقة بين العالم الإسلامى والغرب Female31

إعادة بناء الثقة بين العالم الإسلامى والغرب Empty
مُساهمةموضوع: إعادة بناء الثقة بين العالم الإسلامى والغرب   إعادة بناء الثقة بين العالم الإسلامى والغرب Empty15/12/2009, 5:50 pm




بسم الله الرحمن الرحيم




تمهيد:




تهتم بــعض الــجهات فى
الغـــرب, وبخاصة فى أوروبا ,بموضوع العلاقة بين الـعالم الإسلامـى والغرب. ومن مظاهر
هذا الاهتمام أنه تم فى الفترة الأخيرة عقد مؤتمر بمقر المعهد السويدى فى الإسكندرية
لبحث موضوع (إعادة بناء الثقة بين العالم الإسلامى والغرب).




وقد دعيت للمشاركة فى هذا المؤتمر بمحاضرة بعنوان:




"كيف يمكن إعادة بناء الثقة
بين العالم الإسلامى والغرب؟".
ولعل
مجرد طرح هذا الموضوع على هذا النحو يوحى بأن هناك ثقة كانت قائمة بين العالم الإســلامــى
والغرب , وأنــها قـد انــهارت أو تصدعت نتيجة ظروف طارئة.والمطلوب هو البحث عن أفضل
السبل لاستعادة هذه الثقة . وحتى يمكن الإجابة عن السؤال المطروح فإن من الملائم أن
نقسم هذا الموضوع إلى العناصر الآتية:




1-
ما هي الشروط الأساسية بصفة عامة لبناء الثقة بين مجموعتين بشريتين؟




2- هل كانت هناك ثقة أصلا
بين العالم الإسلامى والغرب وعلى آي أساس قامت؟




3- ما هى الأسباب التى
أدت ضياع هذه الثقة بين الجانبين؟




4- ما هى معوقات استعادة
بناء الثقة بين الجانبين ؟




5- كيف يمكن إعادة بناء
الثقة بين العالم الإسلامى والغرب؟





وفيما يلى تفصيل القول
فى الإجابة عن هذه الأسئلة الخمسة:




أولاً: شروط بناء الثقة
:








يتوقف بناء الثقة بين أى مجموعتين بشريتين بصفة عامة على عدة أمور
هامة نلخصها فيما يلى:



(أ) الاعتراف بالآخر, والتعامل معه على أساس من الندية
والمساواة. ويعد ذلك شرطاً أساسياً لايمكن التخلى عنه على الإطلاق . فالبديل لذلك هو
إلغاء الآخر واعتبار وجوده مثل العدم سواء بسواء .وبالتالى لايكون هناك طرفان يعترف
كل منهما بالآخر, بل يكون هناك طرف واحد يأمر فيطاع أمره , ويملى إرادته كما يشاء دون
السماح بأى اعتراض . وفى هذه الحاله لن يكون هناك حديث عن شىء اسمه بناء الثقة بين
الجانبين المعنيين.




(ب) الاحترام المتبادل : لايكفى إطلاقاً مجرد الاعتراف
بالآخر , بل يجب – إذا أريد أن يكون هناك حد أدنى من الثقة بين الجانبين – أن يكون
هناك احترام متبادل بينهما. وهذا يعنى أن على كل طرف أن يحترم الآخر, أى يحترم ثقافته
ودينه وعاداته وتقاليده وخصوصياته الحضارية. وبصفة عامة يحترم حقوقه الإنسانية.




وهذا الاحترام المتبادل
يعد البداية الحقيقية لأى حوار أو تفاهم أو تعاون بين الجانبين. مع الأخذ فى الاعتبار
بأنه إذا كــــان الاحتــرام المتبادل لايعنى القبول بمواقف الآخر فإنه من ناحية أخرى
يعنى استعداد كل طرف للاستماع إلى الطرف الاخر , والتفكير بروح بناءة فيما يعرض من
آراء وما يوجهه من نقد.




(جـ) الحوار بين الجانبين : يعد الحوار بين الأطراف المعنية
نتيجة طبيعية للاعتراف بالآخر والاحترام المتبادل بينهما . والحوار من شأنه أن يهيىء
الفرصة لتعرف كل جانب على الطرف الآخر, وتفهم مواقفه وظروفه وحضارته وعقيدته وخصوصياته
الحضارية. ومن جانب آخر يساعد هذا الحوار على إزالة الكثير من سوء الفهم والأحكام المسبقة
والأفكار الخاطئة لدى كل طرف عن الطرف الآخر , كما يساعد على التعرف على ما يمكن أن
يكون بين الجانبين من قواسم مشتركة سواء كانت تتعلق بالجوانب الحضارية أو الدينية أو
التاريخية أو غيرها من جوانب أخرى يمكن استثمارها لما فيه مصلحة الطرفين.




(د) التسامح مع الآخر : الحوار المشار إليه ليس
أمراً مقصوداً لذاته, وإنما هو السبيل القويم لما يــترتب عــليه مــن نــتائج تتمثل
فـــى التسامح الذى يتيح الفرصة للتبادل الثقافى , والفهم المشترك, والتعايش الإيجابى
, الأمر الذى من شأنه أن يعمق جذور التعاون بين الجانبين فى جميع المجالات.




(هـ) التعاون المشترك: لاشك أن توفر المناخ المشار إليه
يجعل السبيل ممهدا أمام بناء الثقة بين الجانبين ودعم أواصر التعاون بينهما .وهذا من
شأنه أن يوسع آفاق هذا التعاون ليشمل ليس فقط ما يتعلق بالجانبين المعنيين , بل يتعدى
ذلك إلى دوائر أوسع تشمل التعاون على إرساء دعائم السلام والاستقرار للعالم كله الذى
هو عالمنا جميعاً.




ثانياً:
هل كانت هناك ثقة أصلا بين العالم الإسلامى
والغرب؟





أما النقطة الثانية التى نود أن نبحثها فتتعلق بالسؤال عما إذا
كانت هناك أصلاً فى الماضى ثقة قائمة بين العالم الإسلامى والغرب وعلى أى أساس قامت
. ونحن فى البداية نزعم أن هناك بالفعل- على الأقل فى التصور الإسلامى – ثقة كانت قائمة
,وكانت ترتكز على أسس متينة . ومن المفيد أن نتذكرها الآن لعلها تكون دافعاً للجانبين
على تنشيطها والبناء عليها.




وقد كانت هذه الثقة تقوم من وجهة نظرنا على أساسين: دينى وثقافى
. أما الأساس الدينى فإن الإسلام – كما هو معروف – يطلب من المسلمين بكل صراحة ووضوح
الاعتراف بكل الأديان السماوية السابقة. ولا يجوز للمسلمين بناءً على ذلك أن يفرقوا
بين الأنبياء مثل: موسى وعيسى ومحمد عليهم السلام(سورة البقرة:285).




والقرآن يطلب من اتباع هذه الأديان المختلفة الابتعاد عن كل ما
يجلب الشقاق والنزاع, وضرورة التركيز على التنافس المثمر فى مجال الخيرات(سورة المائدة:
48).




وقد شعر المسلمون منذ البداية بالتضامن مع المسيحيين الذين ينتمون
مثلهم إلى دين سماوى. وفى هذا الصدد يخبرنا القرآن الكريم بأن المسلمين قد أصابهم الحزن
عندما وقعت معركة بين الفرس والروم الشرقيين انهزم فيها الروم المسيحيون على يد الفرس
الوثنيين.وعندئذ خفف عليهم القرآن وقع هذه الصدمة مبشراً بأن الروم سينتصرون فى المرة
القادمة (سورة الروم:2-4). وقد جاءت هذه البشارة فى القرآن فى سورة تحمل اسم "الروم".
وقد حدث ذلك النصر الموعود كما أخبر القرآن . وفضلاً عن ذلك فإن القرآن يبين لنا أن
المسيحيين أقرب الناس مودة للمسلمين (سورة المائدة:82).





أما الأسـاس الــثقافى فإنه عـند التأمل الدقيق للتاريخ نستطيع أن
نتبين بوضوح أن الحضارتين الأوروبية والإسلامية فى نشأتهما وتطورهما لم يكونا فى يوم
من الأيام شيئين منفصلين تماماً. فقد قامت كل منهما على أساس من التفاعل الثقافى المثمر
وظلتا من خلاله تتميزان بالحيوية. وكانتا من أجل ذلك قادرتين رغم كل الحروب التى دارت
بينهما على البحث عن السلام , والبحث فى الوقت نفسه أيضاً عن الحماية الفعالة لذاتيتهما.




فــمن المــعروف أن المسلمين قــد اهتموا منذ البداية
بالحضارات الأخرى اليونانية والفارسية والهندية, ودرسوا بصفة خاصة المؤلفات الفلسفية
والعلمية اليونانية التى ترجموها إلى اللغة العربية وأثروها بتعليقات هامة. ومن خلال
البحث المستقل فى كل ما تعرفوا عليه من ثقافات استطاعوا أن يضيفوا أفكارا وتصورات جديدة
وان تكون لهم ثقافتهم وفلسفتهم الخاصة بهم .




وأوربا من جانبها
قامت خلال القرون الثلاث الأولى من الألفية الثانية بترجمة مؤلفات العلماء والفلاسفة
العرب إلى اللغة اللاتينية. ومن الجدير بالذكر فى هذا الصدد أن أوربا قد تعرفت لأول
مرة على الفلسفة اليونانية عن طريق المؤلفات العربية . وفيما بعد فى النصف الثانى من
القرن الخامس عشر بدأ الأوروبيون ترجمة المؤلفات اليونانية مباشرة من اليونانية إلى
اللغة اللاتينية.




ولا ننسى فى هذا الصدد أن الأندلس وجزيرة صقلية كانا يمثلان قناتين
هامتين لنقل الثقافة الإسلامية إلى أوربا. والأمر الجدير بالذكر فى هذا المقام أن الطلاب
الأوروبيين كانوا يتوافدون على الأندلس فى العصور الوسطى للدراسة فى الجامعات الإسلامية,
وبالمثل لايزال الطلاب المسلمون يلتحقون بالجامعات الأوروبية منذ منتصف القرن التاسع
عشر حتى الآن دون انقطاع.




ومن كل ذلك يتضح أن الثقة التى كانت قائمة بين الجانبين كانت تعتمد على
أسس دينية وثقافية متينة على الرغم من كل الحروب والصراعات التى حدثت بين الجانبين.







ثالثاً:
أسباب ضياع الثقة بين الجانبين:






إننا لانستطيع أن نقول إن هذه الثقة قد انهارت تماماً بين الجانبين
ولم يعد لها وجود, ولكننا لاننكر أنها قد اهتزت بصورة واضحة. ويرجع ذلك إلى أسباب عديدة
يرجع بعضها إلى أسباب تاريخية قديمة ويرجع بعضها الأخر إلى ظروف وعوامل حديثة. ويمكن
تلخيص أهم هذه الأسباب والعوامل فى النقاط التالية:




1- الفتح العربى للأندلس على الرغم من أن هذا الفتح قد
جــاء مــعه بتأثيرات حضـاريـة بالــغة
الأهمية لأوربا ســاعدتها فــى مسيرتها فــى الانتقال مـــن العصر الوسيط إلى عصر النهضة
والعصر الحديث.




2- الحروب الصليبية وما صحبها من تخريب وتقتيل ونهب وسلب.




3- الغزو العثمانى للبلقان وحصار العاصمة النمساوية فيينا.




4- الغزو الاستعمارى لبلاد العالم الإسلامى فى العصر الحديث من
جانب كل من إنجلترا وفرنسا على وجه الخصوص
وبعض البلاد الأخرى.




5- الوعد الإنجليزى لليهود عام1917م بإنشاء وطن قومى لهم فى فلسطين
على حساب سكانها الفلسطينيين الذين لايزالون مشردين فـى مختلف دول العــالم ومحرومين
مــكن أبــسط حقوق الإنسان.




6- التحيز التام لإسرائيل فى صراعها مع العرب بصفة عامة والفلسطينيين
بصفة خاصة منذ عام 1948م حتى الآن.




وعلى الرغم من مرور
سبع وخمسين عاماً على قضية الصراع العربى الإسرائيلى فإن الغرب لم يتخذ خطوات حاسمة
لإنهاء هذا الصراع, والغرب قادر على ذلك لو أراد, ولكن لعله لا يريد ذلك , ربما لإتاحة
الفرصة لإسرائيل للاستيلاء على كامل الأرض الفلسطينية, وبالتالى لا يكون هناك حديث
عن شىء اسمه القضية الفلسطينية.




ولازلت أذكر عبارة قالها الفيلسوف الألمانى المعروف"كارل ياسبرز"
عقب حرب عام 1967م بين العرب وإسرائيل, حيث قال حينذاك: "إننا لو تخلينا عن إسرائيل
فإن هذا يعنى أننا نتخلى عن الحضارة الغربية ". ونحن لا نريد أن يتخلى الغرب عن إسرائيل
وإنما نريد موقفاً متوازناً يحقق العدل والكرامة الإنسانية للجميع.











7- الحرب على العراق : تلك الحرب التى تجاوزت الشرعية الدولية
وتجاهلت الأعراف المرعية والمواثيق الدولية, وبنيت على مجموعة من المزاعم التى ثبت
عدم صحتها, وتبين أن هدف هذه الحرب هو الهيمنة والسيطرة على بترول العراق من ناحية,وحماية
إسرائيل من ناحية أخرى.





8- الترويج في الإعلام الغربي للربط بين الإسلام والأرهاب:




من الملاحظ – بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر 2001م




- أن هناك اتجاهاً قوياً فى
الغرب يربط بين الإسلام و الإرهاب. وحقيقة الأمر أن الإرهاب موجود فى كل الحضارات,
وأنه أصبح ظاهرة عالمية , ولم يكن فى يوم من الأيام صناعة إسلامية.




والأمر الجدير بالذكر أن قدراً كبيراً من الإرهاب الحاصل اليوم
من جانب بعض الجماعات التى تنسب نفسها للإسلام نتج عن احتضان الغرب للعناصر الخارجة
عن القانون والمحكوم عليها بأحكام مختلفة فى البلاد الإسلامية, الأمر الذى مكنها من
التخطيط والتنظيم والتمويل لأعمالها الإرهابية.




والولايات المتحدة الأمريكية نفسها تعاونت مع زعيم تنظيم القاعدة
, وأمدته بالمال والسلاح والتدريب لرجاله فى حربها ضد الشيوعية فى أفغانستان, كما احتضنت
مفتى الجماعات المتطرفة فى مصر ثم انقلبت عليه بعد ذلك وسجينته, وساعدت الولايات المتحدة
الأمريكية على اتساع دائرة الإرهاب بفتح جبهة جديدة فى العراق متجاوزة
بذلك إرادة المجتمع الدولى . فالغرب إذن مسئول مسئولية أساسية عن
انتشار الإرهاب اليوم على نحو مخيف.




ومن المعروف أن أوروبا نفسها – على سبيل المثال – قد عانت
من الإرهاب الداخلى فى النصف الثانى من القرن العشرين بصفة خاصة فى سلسلة من العمليات
الإرهابية من جانب جماعات معينة , لا يزال بعضها يمارس نشاطه حتى اليوم كما هو حادث
فى إيرلاندة وإقليم الباسك فى إسبانيا.




ولم تسلم الولايات المتحدة الأمريكية نفسها من الإرهاب الداخلى
قبل أحداث الحادى عشر من سبتمبر . وحادث الهجوم على برج التجارة العالمى فى أوكلاهوما
خير دليل على ذلك , كما شهدت الساحة العالمية أعمالاً إرهابية أخرى فى أماكن مختلفة
. ومن الأمثلة على ذلك : إطلاق الغازات السامة فى مترو الأنفاق فى اليابان, ومقتل رابين
فى إسرائيل , وهدم المسجد البابرى الأثرى فى الهند على يد المتطرفين الهندوس, وغيرها
من أعمال إرهابية لا تزال حاضرة فى الأذهان.




أن الإسلام موجود منذ أربعة عشر قرناً من الزمان . وكما أن الأديان
الأخرى غير مسئولة عن أى عمل إرهابى يقوم به بعض أتباعها فكذلك الإسلام غير مسئول عن
أى عمل إرهابى يقوم به بعض المسلمين حتى وإن رفعوا أيضاً شعارات إسلامية.





أن الإرهاب لم يكن فى السابق, ولن يكون فى المستقبل أيضاً سمة مميزة
للإسلام تميزه عن غيره من الأديان . لقد برهن الإسلام دائماً على قدرته على السلام,
ليس فقط خلال القرون العديدة التى شهدت عصر الازدهار الحضارى للمسلمين , بل وفى كل
عصور التاريخ الإسلامى , وقدمت الحضارة الإسلامية فى الأندلس نموذجاً يحتذى به للتعايش
الإيجابى بين أتباع ديانات التوحيد الثلاثة الإسلام والمسيحية واليهودية. وذلك على
النقيض مما فعله الاستعمار الغربى فى العصر الحديث من تخريب وتدمير وسلب ونهب لثروات
بلاد المسلمين, وتطبيق لسياسة "فرق تسد" لضمان
استمرار بقائه فى احتلال تلك البلاد.




وهناك جانب آخر يتصل بموضوع الإرهاب وهو الخلط الواضح فى التصورات
الغربية بين الإرهاب وحق الشعوب المظلومة فى الدفاع عن حقوقها المشروعة. وهذا حق تكفله
القوانين الدولية.




وانطلاقاً من هذا الخلط الغريب أصبح ينظر إلى الضحية
على أنه إرهابى – كما هو الحال مع الشعب الفلسطينى - , وينظر إلى إرهاب الدولة - كما فى حالة إسرائيل – على أنه دفاع
عن النفس. وفضلاً عن ذلك فإن الحرب على الإرهاب يساء استغلالها وتتخذ ستاراً لتخويف
شعوب العالم من هذا الخطر المدمر للعالم كله حتى يظل العالم يعيش تحت وطأة الرعب الإرهابى
, وذلك من أجل تحقيق أطماع الهيمنة على العالم والاستيلاء على مصادر ثروات الشعوب النامية.




ومن الطبيعى فى ظل هذه الظروف المعقدة أن يؤدى ذلك كله إلى ضياع
الثقة بين العالم الإسلامى والغرب . ولكن العالم الإسلامى من جانب آخر يدرك تماماً
أنه لايجوز تحميل الغرب ككل مسئولية هذه الظروف جميعها. فهناك دول غربية لها وجهات
نظر مختلفة, ومواقف معارضة لبعض هذه السياسات الغربية إزاء العالم الإسلامى. والحرب
على العراق أقرب مثال على ذلك.




ومن هنا يمكن القول بأنه إذا كانت الثقة بين الجانبين قد تصدعت
على نحو مخيف فإنه لم يتم القضاء عليها نهائيا.




والدليل على ذلك استمرار التواصل الثقافى بين العالم الإسلامى والغرب
, والحوار الدائر بينهما فى مجالات عديدة, الأمر الذى يجعل استعادة الثقة بين الجانبين
أمراً غير مستحيل.




رابعاً:مـعوقات
استعادة بناء الثقة:










لاشك فى أن الطريق لاستعادة الثقة بين الجانبين ليس طريقا مفروشا
بالورود والرياحين. فهناك عقبات حقيقية تعرقل جهود استعادة الثقة بين العالم الإسلامى
والغرب . ومن أهم هذه العقبات الأمور التالية:










1- صورة العدو المتبادلة:




لاجدال فى أن هذه الصورة السلبية المتبادلة كانت موجودة
دائماً بدرجات متفاوتة منذ أن بدأت الصراعات المسلحة بين الجانبين , ولكنها مع ذلك
لم تكن أبداً بهذا الحجم الذى وصلت إليه اليوم فى عصر ثورة المعلومات و الاتصالات والثورة
التكنولوجية مما جعل نشر هذه الصورة السلبية على نطاق واسع أمراً ليس له مثيل فى أى
عصر من عصور التاريخ.





لقد تعاون الغرب قبل نهاية الحرب الباردة مع الإسلام فى مكافحة الشيوعية
. فإذا كان الغرب يمقت الشيوعية فإن الإسلام والشيوعية نقيضان لا يجتمعان. ومن هنا
كان التعاون بين الجانبين تعاوناً وثيقاً فى هذا الصدد . ولكن بعد انهيار الشيوعية
وطرد الشيوعيين من أفغانستان تغير الموقف بنحو مائة وثمانين درجة. فقد بدأ الغرب يتحدث
عن صورة العدو الأخضر المتمثل فى الإسلام بديلاً عن العدو الأحمر.





وبدأ الحديث على نطاق واسع عن الأصولية الإسلامية والإرهاب الإسلامى على الرغم
من أن الإرهاب ظاهرة عالمية وليس لها أدنى صلة بالإسلام كدين . وارتفعت أصوات عديدة
وظهرت مؤلفات كثيرة فى الغرب تتحدث عن الخطر الإسلامى .وبدا الأمر كما لو أن العالم
قد استيقظ فجأة ليرى أمامه ديناً جديداً غريباً يعمل على تهديد العالم . والغريب فى
الأمر أن الجماعات التى حظيت بالدعم الغربى وبخاصة الدعم الأمريكى فى أفغانستان لمحاربة
الشيوعية هى نفسها التى انقلبت إلى جماعات إرهابية لإسباب سياسية لاصلة لها بالإسلام
الذى هو دين السلام.




2- التنبؤ بصراع الحضارات:




وتأكيداً ودعماً لصورة العدو المتبادلة راجت منذ العقدالأخير
من القرن الماضى دعوى صدام الحضارات. وتنبأ هنتنجتون بالصدام بين الحضارتين الإسلامية
والغربية. وهذا يعنى أن إمكانية الصدام الحضارى تفوق إمكانية الحوار الحضارى, وأن الصدام
لامحالة قادم ويجب الاستعداد له بكل الوسائل . ويذكرنا تنبؤ هنتنجتون بما ذهب إليه
الفيلسوف الإنجليزى "توماس هوبز" من أن الإنسان ذئب بالنسبة لأخيه الإنسان , وأن الكل
فى حرب ضد الكل. وبذلك يضع هنتنجتون مزيداً من الزيت على النار لإشعال مزيد من الكراهية
والتوجس والخوف من الإسلام فى العالم الغربى.




وعلى الرغم من أن هذه الدعوى لاتستند إلى أساس علمى أو
واقعى يدعمها, فإن الترويج لها على نطاق واسع عن طريق وسائل الإعلام يمكن أن يجعلها
تتحول بسهولة إلى أن تصبح أمراً واقعياً. وهذا هو مكمن الخطر. فالترويج لهذا الصدام
الكونى المزعوم يمكن – كما يقول عالم اللاهوت الألمانى هانز كونج – أن يعمل على خلق
جو من الخوف والرعب يستخدمه أصحاب المصالح فى تحقيق أغراضهم التى هى بالقطع أغراض مناقضة
لجهود السلام.




ولنا هنا وقفة ضرورية تعقيباً على دعوى صدام الحضارات :




إن الحضارات تشكل التقدم المادى والروحى للإنسانية – كما
يقول ألبرت شفيتسر أيضاً – إنها تعنى التسامح وقبول الآخر والانفتاح على كل الحضارات
واالثقافات والأديان. ومن أجل ذلك فإنها تمثل حصون الإنسانية ضد النزاعات العبثية والمدمرة
ولكنها بالقطع ليست سبباً لها , لأن هدف الحضارات الحقيقى هو بناء نظام يضمن للإنسانية
العدل والأمن والاستقرار.




أن أسباب النزاعات ليست – كما يزعم هنتنجتون – فى اختلاف الحضارات
. فالصدامات تنشأ أيضاً داخل الحضارة الواحدة مثلما حدث ذلك فى الحربين العالميتين
فى النصف الأول من القرن الماضى . والأمر الجدير بالذكر هنا أن ضحايا هاتين الحربين
داخل الحضارة الأوروبية الواحدة قد زاد على ستين مليوناً من البشر وذلك خلال نحو عشر
سنوات فقط (من 1914م – 1918م ,ومن 1939 – 1945م) فى حين أن أعداد ضحايا الحروب التى
دارت بين أوروبا والإسلام على مدى أربعة عشر قرناً من الزمان تعد بالنسبة إلى ذلك بمثابة
قطرة فى بحر , ولا وجه للمقارنة بينها وبين ضحايا الحربين العاليمتين.




ومن هنا فإنه إذا حدثت صدامات بين الحضارات فإنه يتحتم البحث
عن أسباب أخرى لذلك غير الحضارات ذاتها . فقد تكون الأسباب متمثلة فى السعى للسيطرة
السياسة لبعض أصحاب المصالح , أو الهيمنة لبعض القوى العالمية على مقدرات العالم ,
أو السعى للحصول على مصالح مادية أو غير ذلك من أسباب أخرى مشابهة , كما هو ماثل للعيان
فى عالم اليوم.




والإسلام على كل حال دين يرفض دعوى الصدام بين الحضارات , ويدعو
إلى الحوار بينها . ويؤكد ذلك القرآن الكريم حين يتحدث عن الاختلافات بين الشعوب والعلاقات
فيما بينها: } يا أيها الناس إنا
خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا {
(الحجرات:13).




لقد أثبتت لنا الحربان العالميتان فى القرن الماضى مدى
عبثية الحروب . فالحروب لا تحل المشكلات , بل تؤدى إلى تفاقم المشكلات وإلى تدمير لامعنى
له. وعلينا أن نتعلم من دروس التاريخ حتى لانكرر نفس الأخطاء مرة أخرى.




3- التجاهل وعدم الاكتراث على الجانب الغربى:




يتعلق هذا التجاهل بالأحداث المتلاحقة فى العالم
الإسلامى بصفة خاصة , والأسباب التى تقف وراء حدوثها , والجهود التى يجب أن تبذل لمواجهتها
. ونتائج هذا التجاهل تتمثل فى المواقف الخاطئة وسوء الفهم لعالمنا الذى كان يفترض
أن يكون عالما جديدا وجذابا , ولكنه فى حقيقة الأمر صار عالما مرعبا ومخيفا, وذلك بالنسبة
لضحاياه على كل حال.




لقد كان من نتيجة هذا التجاهل وعدم الاكتراث على الجانب
الغربى تلك الإبادة الجماعية التى حدثت للمسلمين فى البوسنة فى العقد الماضى فى أماكن
كانت تحميها قوات دولية. وكان يمكن منع تلك المذابح الجماعية لو كان هناك أدنى قدر
من الاهتمام بمصير هؤلاء البشر.




وما يحدث اليوم فى فلسطين من قتل وتشريد وتدمير للبشر والمنازل
والمزارع والأشجار وكل وسائل الحياه تحت سمع وبصر العالم , وبصفة خاصة تحت سمع وبصر
القوى الفعالة فى العالم على الجانب الغربى, أمر يفوق التصور.




لقد تحركت كل هذه القوى الفاعلة لحماية سكان تيمور الشرقية
وحماية استقلالها عن إندونيسيا . فلماذا تتجاهل هذه القوى ثلاثة ملايين فلسطينى يعيشون
فى سجن كبير دون حماية دولية. أليس هذا أمرا يثير الكثير من علامات الاستفهام ؟




4- محاولة فرض العولمة بخيرها وشرها :




لاشك أن العولمة بجوانبها الاقتصادية والسياسية والثقافية تشتمل
على بعض الإيجابيات ولكنها تشتمل فى الوقت نفسه على بعض السلبيات . ومن حق العالم الإسلامى
– ولديه رصيد حضارى يعرفه التاريخ – أن يكون له الحق فى اختيار ما يراه مناسبا له من
هذه العولمة ، ومن حقه أيضا أن يرفض ما لا يناسبه. فهذا أبسط حقوق الإنسان.




ولكن هناك محاولات غربية
لفرض النظم والقيم الغربية على العالم الإسلامى دون اكتراث بما إذا كان ذلك يتفق أو
لا يتفق مع ما للمسلمين من معتقدات دينية و أخلاقية وتقاليد مرعية . فالتمايز الحضارى
أمر مقررمنذ فجر التاريخ ولا يجوز إجبار شعب من الشعوب على تبنى قيم شعب آخر . وعلى
سبيل المثال يعاب على العالم الإسلامى محاربته للشذوذ الجنسى , ويراد له أن يوقف العمل
بنصوص قطعية فى القرآن الكريم , وغير ذلك من مطالب غربية. أليس ذلك ضد حرية الإنسان
وحقوقه فردا كان أو جماعة؟




5- استخدام القوة بدلا من الحوار:




وقد تجلى ذلك بوضوح فى حرب العراق . وعلى الرغم من كل مساوئ النظام
العراقي السابق ورفضنا له فليس أى مبرر لاستخدام القوة ضد دولة ما دون تفويض بذلك من
المنظمة الدولية . والإ فسيصبح العالم فوضى تتصرف كل دولة فيه كما تشاء دون اكتراث
بالقانون الدولى.




والحوار هو السبيل القويم لحل المشكلات , والعنف هوآخر دواء يمكن
استخدامه , ولكن بتصريح من المنظمة الدولية. وما يقال عن العراق يقال بالنسبة لفلسطين
. ففى الوقت الذى يرفض فيه الرأى العام الغربى العمليات الاستشهادية الفلسطينية بوصفها
إرهابا ينبغى أن يقيم الغرب موازين العدل – وهو الذى يذكرنا دائما بحقوق الإنسان –
فيوقف إرهاب دولة إسرائيل الذى يستخدم أحدث ما عرفته الآلة العسكرية ضد شعب لا يملك
إلا الحجارة والأسلحة الخفيفة.










خامسا:
إعادة بناء الثقة بين العالم الإسلام والغرب:






وعلى الرغم من كل ما سبق فإننا لسنا مع القطيعة مع الغرب
على الإطلاق . لقد أردنا أن نضع بعض النقاط على الحروف دون مجاملات فارغة لاتغنى شيئا.
إننا فى عصر أصبح فيه العالم يعيش فى قرية كونية كبيرة – كما يقال دائما - . ومن هنا
فنحن مع التقارب مع الغرب ومع الحوار والتعاون فى جميع المجالات من أجل خير هذا العالم
الذى هو عالمنا جميعا.




وأعتقد أنه قد أصبح واضحا مما عرضناه حتى الآن كيف يمكن
إعادة بناء الثقة بين العالم الإسلامى والغرب. فالعقبات القائمة التى تحدثنا عنها ينبغى
إزالتها حتى يمكن بناء الثقة على أسس سليمة . وإذا جاز لنا أن نجمل الشروط التى ينبغى
مراعاتها عند إعادة بناء الثقة بين الجانبين فإننا ننبه إلى الأمور التالية:




1- التخليى عن نظرة الاستعلاء إزاء الآخر:




والبعد عن النظر إليه من منطلق الهيمنة وغطرسة القوة ,
وهذا يعنى الاحترام المتبادل وتفهم مواقف الطرف الآخر واحترام خصوصياته الحضارية على
أساس من الندية و المساواة.




أن التعرف الحقيقى على الآخر – ونعنى هنا التعرف على العالم الإسلامى
مـن جانب الغــرب – وعلى حضارة المسلمين من شأنه أن يؤدى إلى تأكيد قيمة التسامح الإيجابى
نحوهم, وليس مجرد التسامح الحيادى . وهذا يعنى الإقرار بالتعددية الحضارية , ويعنى
أيضا احترام حضارة الآخر وثقافته مهما كان مستواه من الرقى المادى , لأن احترام الآخر
والتعرف عليه من شأنه أن يؤدى إلى تفهم كل الظروف المحيطة به , ومن شأنه كذلك
أن يقضى على الكثير من الأحكام المسبقة والمفاهيم المغلوطة على كلا الجانبين.




وبناء على ذلك نستطيع أن نقول : إن النظرة الاستعلائية أو عقدة
التفوق والأفضلية فى الجنس أو اللون أو المستوى الحضارى قد أصبحت نظرة متحفية تنتمى
إلى الماضى , ولم تعد تتناسب بأي حال من الأحوال مع عالمنا المعاصر.




2- التخلى عن أطماع الهيمنة الاستعمارية:




والتخلى عن الاستيلاء على مصادر الثروات البترولية لبلاد
العالم الإسلامى , وإملاء صيغ الإصلاح الجاهزة على المجتمعات الإسلامية. فإن كل أمة
لها ظروفها الخاصة ولها خصوصياتها التى تعتز بها . والتمايز الحضارى لم يكن فى يوم
من الأيام عقبة فى سبيل التفاعل والتواصل بين الحضارات . ومن أجل ذلك لا توجد حضارة
إنسانية عريقة نمت وتطورت دون أن تتأثر بغيرها من الحضارات .فالتراث الإنسانى أخذ وعطاء,
ولا توجد أمة عريقة فى التاريخ إلا وقد
أعطت كما أخذت من هذا التراث . ولم تشذ حضارة من الحضارات الكبيرة عن هذه القاعدة.




وإن محاولة حضارة من الحضارات الهيمنة على الأخرى وفرض
قيمها ونظمها على هذه الحضارات , وإلغاء خصوصياتها ومحو ذاتيتها أمر يعد ضد طبيعة الأشياء,
ويعد جناية على الشعوب المنضوية تحت هذه الحضارات, لأنها ستجد نفسها بلا هوية وستجد
نفسها مقطوعة الجذور , وفى الوقت نفسه لا تنتمى إلى حضارة الآخرين . وفى ذلك قتل للشخصية
الحضارية للأمة المعتدى على خصوصياتها لصالح الحضارة الساعية للهيمنة.




3- اللجوء إلى الحوار بدلا من العنف:





فالعنف لايولد إلا العنف. أما الحوار فهو اللغة الحضارية التى تليق
بالبشر , وهو الأسلوب الأمثل لحل كل المشكلات , وتفادى الكثير من الشرور والدمار الذى
يسببه اللجوء إلى العنف . ولن يكون هناك حوار مثمر إلا إذا كان كل طرف لديه استعداد
الاستماع إلى الطرف الآخر والتفكير فيما يطرحه من تصورات – كما سبق أن أشرنا فى بداية
هذا البحث - , وكذلك الاستعداد لممارسة النقد الذاتى , والبعد عن التنديد بالآخر أو
التقليل من شأنه, والسعى إلى التوصل من خلال الحوار إلى رؤى ومعايير مشتركة تفتح السبل
إلى تعاون مشترك , لا من أجل مصالحنا المشتركة فحسب , إنما من أجل سلام هذا العالم
واستقراه . وبذلك يمكن التصدى لكل شكل من أشكال العنف والمواقف السلبية.





وإذا أردنا أن نكافح الإرهاب
بطريقة فعالة فإن علينا أن نعالج هذا الموضوع من جذوره وليس من السطح الخارجى . فالعلاج
السطحى من شأنه أن يطيل دائرة العنف والعنف المضاد. والأسلوب الأمثل لعلاج مشكلة الإرهاب
هو البحث عن الأسباب الحقيقية المولدة للإرهاب ومعالجة هذه الأسباب بطريقة جذرية تسير
جنبا إلى جنب مع الحرب المعلنة على الإرهاب , كما ينبغى التفرقة الحاسمة بين الإرهاب
الذى هو عدوان مرفوض وبين الكفاح المشروع للشعوب فى سبيل حقوقها المشروعة . فالخلط
بين الأمرين خلط ظالم وغير مبرر لا من وجهة النظر الأخلاقية ولا من وجهة نظر القوانين
الدولية.




4- التركيز على القواسم المشتركة:




ينبغى أن يستقر فى وعى الجانبين أن ما يجمع بين العالم الإسلامى
والغرب من قواسم مشتركة أكثر مما يفرق بينهما . وعلى سبيل المثال فإن أوربا والبلاد
الإسلامية فى الشرق يربط بينهما جغرافيا البحر الأبيض المتوسط. فهما جيران لبعضهما
البعض , ويشتركان لذلك فى المصلحة المشتركة لاستقرار وضمان أمن بلادهما.





ولكن هناك سببا آخر هاما يجمع بينهما يتمثل فى الخلفية الحضارية والتى تتمثل
فيما يربط بينهما من تاريخ طويل من التأثير الحضارى المتبادل. وعلى الرغم من الأثر
الحضارى الواضح للحضارة الإسلامية على الحضارة الأوروبية فى العصور الوسطى بفضل ترجمة
العلوم الإسلامية إلى اللغة اللاتينية فى تلك الفترة فإن الغرب فى العادة يتجاهل ذلك
ويستنكف – وهو المتفوق حضاريا – أن يعترف بهذه الحقيقة ويرد الفضل للحضارة الإسلامية
التى شهدت فى القرون الأخيرة فترة من التراجع الحضارى لم تتعاف منها حتى الآن.




وهناك بالإضافة إلى ذلك قاسم أساسى مشترك بين العالم الإسلامى
والغرب . فالمسيحية والإسلام واللذان يعدان القاعدة الأساسية لحضارتيهما, يشتركان فى
نشأتهما فى الشرق ويتطابقان فى رسالتيهما تطابقا جوهريا. ويشكل الإيمان بالمسيح عليه
السلام وبالإنجيل الذى أنزل عليه عنصرا أساسيا من عقيدة المسلمين.




وهذه القواسم المشتركة أو نقاط الالتقاء بين حضارة
الغرب وحضارة الشرق الإسلامى تثبت بوضوح بطلان مقولة الأديب الإنجليزى المعروف كبلنج
Kipling
(ت 1936) التى يقول فيها : "الشرق شرق والغرب غرب ولن يلتقيا", كما تثبت فساد تنبؤ
هنتنجتون بحتمية الصدام بين حضارة الشرق وحضارة الغرب.




وقد وجد الشاعر الألمانى جوته Goethe (ت 1832) كثيرا من القواسم المشتركة
التى تربط بين الشرق والغرب وعبر عن ذلك فى "الديوان الشرقى الغربى" بقوله :




"لله المشرق ولله المغرب, وفى راحتيه الشمال والجنوب جميعا" ,
فالكل منه وإليه. ويقول جوته أيضا :




"من حماقة الإنسان فى دنياه أن يتعصب كل منا لما
يراه , وإذا كان الإسلام معناه التسليم لله فإننا جميعا نحيا ونموت مسلمين".




5- عدم إغفال الجوانب السياسية والاقتصادية
والعسكرية:




لاينبغى أن ينسينا
الحماس والأمل فى عودة الثقة بين الجانبين إلى مجاريها الطبيبعية بعض العناصر الأخرى
التى لها أهميتها البالغة فى هذا الصدد . فالأمر لايتعلق فقط بالجوانب الدينية والحضارية
, بل يتعلق أيضا – بالإضافة إلى ذلك – بجوانب سياسية واقتصادية وعسكرية . ومن الضرورى
مناقشة كل هذه الجوانب فى إطار حوار يتم فى صراحة ووضوح يراعى مصالح كل الأطراف , بعيدا
عن كلمات المجاملة الفارغة والعبارات الدبلوماسية المنمقة التى لاتجدى شيئا فى مثل
هذه الأحوال.
















خـاتمـــــة:





وفى ختام حديثنا نود التأكيد على أن استعادة الثقة بين العالم الإسلامى
والغرب أمر لايأتى تلقائيا , أو بقرارات تصدر هنا أو هناك, أو من خلال مؤتمرات تصدر
عنها توصيات بذلك. فهناك بالإضافة إلى كل ما عرضناه عوامل نفسية لها دورها الذى لا
يجوز تجاهله. فالمواطنون في الغرب يشعرون – سواء كان هذا الشعور وهما أو حقيقة – بأنهم
مهددون من جانب المسلمين , على الرغم من التفوق الغربى فى جميع المجالات تقريبا. والمسلمين
بدورهم يشعرون أيضا بالخوف من الاغتراب الثقافى, وبجروح نفسية عميقة ترجع إلى عصور
من تجارب القهر والإذلال من جانب البلدان الغربية, وبخاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.




ومعالجة ذلك كله فى حاجة إلى تفهم كل جانب لمشاعر الطرف الآخر
, والتحلى بالصبر والهدوء , وعقلنه هذه المشاعر, والتمسك بالموضوعية في الحوار.




ونعتقد أن من الأمور التى يمكن أن تساعد على استعادة الثقة بين
الجانبين أن تقوم أوروبا – التى لديها خبرة طويلة بمشكلات العالم الإسلامى – بمحاولة
استعادة شكل ما من أشكال التوازن الدولى . فمنذ انهيار الاتحاد السوفييتى – الذى كان
يشكل عنصرا لا يمكن تجاهله فى التوازن الدولى – أصبح هناك فراغ فى السياسة الدولية,
ولم يعد هناك وجود لما يسمى بالتوازن الدولى . وقد انعكس ذلك بالسلب على المنظمات الدولية.




ولا شك فى أن انفراد قوة ما فى العالم باتخاذ قرارات أحادية الجانب
تتجاوز المنظمات الدولية وتنتهك القانون الدولى لن يكون فى مصلحة السلام العالمى والحرب
في العراق أقرب مثال علي ذلك والعالم اليوم أشد الحاجة إلى الإصغاء لصوت العقل والمنطق
للحد من اندفاع القوة الأعظم إلى اتخاذ مواقف وقرارات بعيدة عن المنظمات الدولية يمكن
أن تؤدى إلى كارثة عالمية لا يعلم مداها إلا الله.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المرحوم الحاج صلاح
كبيــــــــــر المشرفيـــــــــن
كبيــــــــــر المشرفيـــــــــن
المرحوم الحاج صلاح


علـــم الدولــــة : إعادة بناء الثقة بين العالم الإسلامى والغرب Female31

إعادة بناء الثقة بين العالم الإسلامى والغرب Empty
مُساهمةموضوع: رد: إعادة بناء الثقة بين العالم الإسلامى والغرب   إعادة بناء الثقة بين العالم الإسلامى والغرب Empty16/12/2009, 7:54 am

بسم الله الرحمن الرحيم


ان قضية بناء الثقة بين العالمين الاسلامى والغربى ...... فى ظل الضعف العربى والاسلامى وفى ظل مفردات

القوة فوق الحق ..... ونظريات الصراع والداروينية السياسية ( البقاء للأقوى ) ... وكذلك اقتصاد

المنفعة البرجماتى ..... كلها أمور يجب أن توضع ... فى الحسبان فالأمر لم يعد مجرد

حوار بين مجموعتين من الفرقاء ابتغاء الوصول الى الحق ....... ان شروط الحوار فى هذا الزمن تحتاج منك

أن تكون قويا بما يكفى .... لمواجهة خصم عنيد .... نعم خصم ؟؟؟ !!!! .... ومهما استعملت من لغة الحوار فانه

خصم وعنيد .... ان انفراد قوة واحدة وقطب واحد يحكم العالم هو العالم الغربى .... جعل كل المؤسسات الدولية

بما فيها الأمم المتحدة تخضع تماما لرؤيته ونظرته للأمور .... اضافة الى ارث تاريخى مليئ

بين الطرفين ... من خلال الحروب الصليبية .... ان أحداث 11 سبتمبر ... ومع أنها

كانت ردة فعل لكل الممارسات الاجرامية للغرب الأمريكى الصهيونى

فى فلسطين وكل بؤر الصراع فى عالمنا العربى والاسلامى

جعلهم يصيغونها فى مصطلح الاسلام فوبيا

أو " الارهاب الاسلامى "

ان قضية الحوار وبناء الثقة .... تحتاج منا كعب ومسلمين ... أن نتغير وأن نغير ما بأنفسنا وأن نعرف ما نملكه

.... ونحسن استخدامه فى اللعبة السياسية القائمة الآن ... ان امتلاك ناصية العلم والتكنولوجيا هى البداية

مع الانفتاح على قوى أخرى ... مثل الصين واليابان والهند .... والتجربة الماليزية ....

اضافة الى اعادة تنظيم البيت العربى الاسلامى من الداخل واطلاق الحريات

كلها عوامل نفتقدها .... وكلها لازمة وضرورية .... لاعادة بنا الثقة .... ان دول الغرب الآن تحترم الظالم القوى

على صاحب الحق الضعيف ..... انها السياسة وفن الممكن من أجل ... سيادة القوة والمنفعة والمصلحة

" ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم "

( الرعد 11 )


إعادة بناء الثقة بين العالم الإسلامى والغرب 567603 إعادة بناء الثقة بين العالم الإسلامى والغرب 179318 إعادة بناء الثقة بين العالم الإسلامى والغرب 179318 إعادة بناء الثقة بين العالم الإسلامى والغرب 179318 إعادة بناء الثقة بين العالم الإسلامى والغرب 567603
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
إعادة بناء الثقة بين العالم الإسلامى والغرب
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» حماس تريد إعادة بناء المنظمة قبل المصالحة
» فوز ( غنيمة ) المنوفية بجائزة إتحاد جامعات العالم الإسلامى
» نيويورك تايمز»: أوباما اختار دولة «استبدادية» ليخاطب منها العالم الإسلامى
» ساعة مكة .. على قمة أعلى بناء إسمنتي في العالم!
» مهندس يعمل في بناء الجدار الفولاذي: الولايات المتحدة تشرف بشكل كامل علي بناء الجدار

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
البتانون :: المنتـــــدى الاســــلامى العــــــــام-
انتقل الى: