على الرغم من أن كلمة دستور هي كلمة فارسية المعنى، إلا أنها كانت تظهر في لغتين أخريين هما: العربية والتركية، حيث شاع استخدامها بمعنى المستشار، وتشير قواميس اللغة العربية إلى عدة معان لهذه الكلمة منها بناء القانون، أو نمودج تنظيم الدولة والمجتمع خاصة فيما يتعلق بتوزيع القوة والسيادة، أو مجموعة المبادئ والقوانين الأساسية التي تحدد قوة وواجبات الحكومة، وتضمن حقوقا معينة للمواطنين فيها، أو الوثيقة المكتوبة والتي تتضمن قواعد التنظيم الاجتماعي والسياسي.
بين أرسطو والطهطاوي:
كان فلاسفة اليونان هم أول من تناول مصطلح الدستور بالمدلول السياسي، وإن كان أبرزهم في تأصيل الدستور كمفهوم هو "أرسطو" الذي أفرد في كتابه "السياسية" شرحا مطولا للدساتير التي ظهرت في المدينة اليونانية القديمة، وفيه يتناول أرسطو كل دستور من هذه الدساتير بالشرح والتحليل مبينا مزايا وعيوب كل منها. وقد قام أرسطو مشكورا بالتبحر في حوالي 150 دستورا من دساتير المدن اليونانية ودراستها ليصل في النهاية إلى نتائج مهمة لا تدور فقط حول ما يمكن تطبيقه من قواعد وردت بهذه الدساتير من مبادئ و قيم وقواعد للتنظيم السياسي في المجتمع، وإنما الأهم هو القدرة على التطبيق، أو تطبيقها بالكفاءة المطلوبة لتحقيق الأهداف التي وضعت من أجل تحقيقها.
كان رفاعة رافع الطهطاوي هو أول من رفع مشعل الترجمة للدساتير في اللغة العربية وذلك حين استخدم مصطلح "الشرطة" الذي نقله عن كلمة "charte" الفرنسية الذي استخدم للتعبير عن CHARTE CONSTITUTIONNELLE وترجمتها الميثاق أو العهد أو الوثيقة الدستورية، وتجدر بنا الإشارة هنا إلى أن لا علاقة هنا بكلمة الشرطة-سواء بفنح الشين أو ضمها- بالكلمة التي استخدمها الطهطاوي، فهذه الكلمة هي النقل المباشر للكلمة اليونانية chorte بنفس المعنى وهو العهد أو الميثاق.