أسامه الديب
عضـــــــــو جديــــــــــــــد
علـــم الدولــــة : 
 | | موضوع: الأستاذ أسامه الغزولي ( التحدي الأكبر ) 2/6/2009, 4:20 pm | |
| كتب الأستاذ أسامه الغزولي ابن البتانون موضوعا في روز اليوسف بعنوان
التحدي الأكبر
لنقرأه سويا
أمريكا تلاعبنا بإيران، وقبلها كانت بريطانيا تفعل الشىء ذاته، ورغم السرد الممتع لتفاصيل العملية العسكرية التى أنهى بها الملك فاروق زواج شقيقته الأميرة فوزية من شاه إيران والذى نشرته دار الشروق فى كتاب صغير، فأنا واثق أن فاروق فعل ذلك بأمر بريطانى حتى ينفك الارتباط بين التاجين المصرى والإيرانى.
وأصغر تلميذ فى كلية العلوم السياسية بأى جامعة عربية يعرف الآن أن أمريكا ساعدت إيران بإزاحة عدوها السنى فى أفغانستان الممثل بحركة طالبان، وعدوها السنى فى العراق الممثل فى حزب البعث وزعيمه صدام حسين، كما قال روجر كوهين فى مقاله فى هيرتريبيون «18 مايو». وقد كنت أشك، مثل ملايين غيرى، فى أن إيران سيطرت على العراق بمساعدة أمريكا وليس رغما عنها أو استغلالا لظروف خارجة عن إرادتها، ثم أصبحت متأكدا من ذلك عندما أكده كوهين فى مقاله المذكور. فما هو الهدف الأول للولايات المتحدة من سياساتها الإيرانية؟ الهدف هو تحقيق مبدأ إلكسندر هيج الذى كان قائد قوات الأطلنطى فى أوروبا قبل أن يصبح وزيرا لخارجية أمريكا فى الثمانينيات الذى قال إن السلام يتحقق فى الشرق الأوسط عندما يجد العرب أنهم يقفون فى خندق واحد مع الإسرائيليين. والحكومات العربية، فيما يظهر لى، تجد نفسها مجبرة على أن تقف مع إسرائيل فى خندق واحد لمواجهة الصعود الإقليمى لإيران، ولا يرى كوهين فى هذا الأمر إلا الخير كل الخير، لكننا نحن العرب قد نرى فيه خيرا وشرا. أما الخير فمصدره أن تحقيق تفاهم عربى - إسرائيلى - أمريكى بخصوص إيران لن يتحقق إلا إذا أنهت الولايات المتحدة ازدواجية موقفها من التسلح النووى فى منطقة الشرق الأوسط. وقد بدأت إدارة أوباما بالفعل السير فى هذا الاتجاه بمطالبة إسرائيل بالانضمام إلى معاهدة حظر الانتشار النووى، وقد تكون هذه خطوة صغيرة على طريق العشرة آلاف ميل، لكنها خطوة فى الاتجاه الصحيح. أما الشر فمصدره أن إيران سوف تستغل تناقضات الموقف الجديد الذى يضع العرب وإسرائيل فى خندق واحد لتعميق الهوة بين الحكومات العربية وبين شعوبها، ولا شىء فى العالم يجعل الشعوب تكره حكوماتها مثل التقارب مع إسرائيل. الشعوب فى أمريكا الشمالية والجنوبية وأوروبا كلها تكره تقارب حكوماتها مع إسرائيل، فما بالك بالشعوب فى العالمين العربى والإسلامى؟ يقول كوهين إن واشنطن سوف تستخدم أى حوار بينها وبين طهران للحد من التأثيرات السلبية لحماس وحزب الله على عملية السلام، من جهة، وسوف تسعى لتجميد المستوطنات الصهيونية فى الضفة الغربية، من جهة أخرى. ولم يقل كوهين إن الولايات المتحدة سوف تسعى لإعطاء السلام مع إسرائيل مصداقية أن تجعله، فى النهاية، يأتى من طهران وبمصادقة من آيات الله. لكن هذه هى المرحلة النهائية فى سلام الشرق الأوسط الذى سيأتى على جثة فلسطين التى ستختصر فى «حماستان» فى غزة مع تذويب الضفة فى إسرائيل والأردن معا. وفى هذا السياق سوف يبقى لحماس ولحزب الله دور مهم، وهذا أكبر خطر على دول المنطقة، لأن هذين كيانان ميليشياويان طائفيان لا يحتكمان لقانون أو دستور. وأياً ما كان الأمر فالغرب لا يستغنى عن إيران التى وقفت، كما وقفت تركيا، ضد روسيا السوفيتية بقوة، طوال زمن الحرب الباردة، حتى بعد سقوط عرش الطاووس، واستمرار الموقف الراهن سوف يخلق تحالفا استراتيجيا لا ترضاه واشنطن ولا تستريح إليه طهران إلا مرغمة، بين الكرملين ودولة الملالى، وسوف ينتهى الأمر بسلام بين طهران وتل أبيب يتحقق به السلام ويولد به الشرق الأوسط الجديد. الدول لا تستغنى عن الدول أما حماس وحزب الله فهما السم فى العسل. كيف نفصل بين السم والعسل؟ هذا هو التحدى الأكبر أمام صانعى سياستنا الخارجية.
| |
|
