الملط يواصل هجومه على الحكومة ويتهمها بالهشاشة

المستشار جودت الملط

- قدمنا 180 تقريرًا يؤكد فقدان الثقة بين المواطن وأجهزة الدولة

- نسبة التضخم في 2009م مرعبة وتزايد الديون كارثة حقيقية

- كثير من المشروعات القائمة لم يستفد منها الاقتصاد القومي

- المستثمرون الأجانب استنزفوا المياه في زراعات لا تفيد المواطن

كتب- أحمد صالح:

حذَّر الدكتور جودت الملط رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات من استمرار أزمة الثقة بين المواطنين والحكومة، خاصةً أن المواطنين يلجئون إلى الرئيس مبارك لحل مشاكلهم وأزماتهم، مؤكدًا أن هناك بعض المسئولين دون المستوى المطلوب.

وأكد الملط أن الإدارة في مصر تعاني من أمراض مزمنة، ولديها نوع من الهشاشة، وأنه أمام تلك الأمراض المزمنة يتدخل الرئيس مبارك بطريقةٍ مباشرةٍ لمواجهة سلسلة من الأخطاء التي ترتكبها عشرات الأجهزة الحكومية، مدللاً على ذلك بعبارات الرئيس مبارك التي أكد من خلالها أن مشكلة مصر إدارة ورقابة ومحاسبة.

مشيرًا إلى أن أزمة الثقة لها ثلاثة مظاهر منها: كثرة التصريحات الوردية على لسان بعض الوزراء والمحافظين التي لم يتحقق فيها إلا القليل، وعجز بعض المسئولين عن التعامل الصريح مع وسائل الإعلام بالشفافية المطلوبة والتحرك السريع وحسن اختيار مَن يتحدث للمواطنين، بالإضافة إلى سلبية بعض أجهزة الدولة عن تسويق قرارات عادلة اتخذتها مثل قرار بناء إنشاءات على الحدود، مشيرًا إلى أننا للأسف عرفنا الخبر من الخارج، وردَّ عليه النائب مصطفى بكري "من إسرائيل".

وتابع الملط حديثه قائلاً: إن الحكومة وقفت في موقف المدافع، وكان موقفها سلبيًّا، وكل واحد من الوزراء قال كلمة مختلفة عن الآخر، مع أن حماية الأمن القومي مسألة لا يختلف عليها أحد، ولكن "إحنا معندناش قدرة على الإخراج الحلو"، فالذين صدَّرتهم الحكومة في وسائل الإعلام لشرح وجهة نظرها "لا بيقنعوني ولا بيقنعوا غيري".

وكشف الملط عن وجود 180 تقريرًا أعدَّه الجهاز يتضمن العديد من الظواهر السلبية الخطيرة، مطالبًا بإجراء استفتاء محايد وليس استفتاء حكومي للتأكد من فقدان الثقة لدى المواطن في الحكومة.

وانتقد الملط بشدة كثرة التصريحات الوردية التي يطلقها بعض الوزراء والمحافظين، والتي لم يتحقق منها إلا القليل، كما انتقد عجز المسئولين وعدم قدرتهم على التعامل مع وسائل الإعلام.

وأكد الملط أن نصيب متوسط الفرد من الدَّيْنِ الخارجي والداخلي بلغ 9526 جنيهًا عام 2008/2009م مقابل 8478 جنيهًا عام 2007/2008م.

وأوضح الملط عند استعراضه للحساب الختامي للدولة في لجنة الخطة والموازنة بمجلس الشعب أن نسبة الدَّيْنِ الخارجي والداخلي في تزايد، مشيرًا إلى أن الناتج المحلي الإجمالي يصل إلى 90.3%، فيما أكد أن 25% من الموارد العامة تذهب إلى سداد الأقساط والفوائد الخارجية، وأن عبء خدمة الدَّيْنِ العام الحكومي الداخلي والخارجي يصل إلى 69.6%.

وأكد الملط أن نسبة التَّضخُّم وصلت إلى أعلى معدلاتها بعد أن وصلت إلى 16.2% عام 2008/2009م بعد أن كانت هذه النسبة خلال السنوات الماضية 4.2% و10.9% و11.7%.

وحول ارتفاع الأسعار أكَّد الملط أن نسبة الارتفاع وصلت إلى 17% بالنسبة للسلع والخدمات عام 2008/2009م، مشيرًا إلى ارتفاع أسعار أقسام الشراب والطعام إلى 21%، والفاكهة إلى 38.3%، واللبن والجُبْنُ والبيض إلى 32%، والزيت إلى 23.5%، والخضار إلى 23.3%، والسمك إلى 20.3%، واللحوم إلى 17.5%، والسكر والأغذية السكرية إلى 13.3%، والحبوب والخبز إلى 11.5%، والخدمات بالمستشفيات إلى 16.7%، والكهرباء والغاز إلى 13.8%، والتعليم إلى 13%.

وأضاف الملط قائلاً في سخرية: لدينا أشياء جميلة منها الاتصالات والتضامن الاجتماعي والبيئة، وما أدراك ما البيئة وبؤر التلوث على مستوى المحافظات وتلوث المياه، مشيرًا إلى أن الجهاز أخذ نحو 873 عينة وكانت النتيجة 29.5% من هذه العينات غير سليمة وغير صالحة للاستهلاك الآدمي.

وحول قطاع التعليم قبل الجامعي أكد الملط أن هناك تدنيًّا في مستوى التعليم، وأنه لا يوجد لدينا تعليم متميز داخل المدارس الحكومية، مبديًا حزنه لما أصاب التعليم الجامعي والبحث العلمي، والتي تساوت بصفر المونديال؛ حتى إننا لم نأتِ في ذيل أفضل 500 جامعة باستثناء جامعتين، وجاءت الجامعات الصهيونية في المقدمة، وكذلك جامعات جنوب إفريقيا.

وأكد الملط أن البيانات والأرقام والإحصائيات التي يتناولها تأتي من خلال مستندات موثقة صادرة عن البنك المركزي المصري، وجهاز التعبئة والإحصاء، والبنك الدولي وصندوق النقد الدوليين، مشيرًا إلى أنه يوجد 17 مليون أمي طبقًا لإحصاء مايو 2008م تصل نسبتهم 29.7% من إجمالي عدد السكان للأعمار السنية من 10 سنوات فأكثر، وأن نسبة الأمية في الذكور وصلت إلى 24.4 والإناث 37.3% في حين بلغ عدد المحرومين من خدمات الصرف الصحي 34.5 مليون مواطن بنسبة 47.7% من إجمالي عدد السكان، في حين يَقْطُن المناطق العشوائية 12.2مليون مواطن يمثلون 16.8% من إجمالي عدد السكان، مشيرًا إلى أن عدد المناطق العشوائية 1221 منطقة تم الانتهاء من تطوير 352 منطقة في 15 محافظة بنسبة 29.3% من إجمالي عدد المناطق القابلة للتطوير.

وحول المنح والقروض وعدم الاستفادة منها قال الملط: إنه لا يجب أن ننسب هذا الأمر إلى الوزيرة فايزة أبو النجا وزيرة التعاون الدولي، ولكن يُنسب إلى الجهات المستفيدة من تلك المنح والقروض التي تستخدمها في إقامة العديد من المشروعات التي تحمل العديد من عناوين السلبيات وعدم دقة الدراسات، موضحًا أنه منذ عشر سنوات وهو يكرر حديثه عن وجود عدد كبير من المشروعات صغيرها وكبيرها تفتقد إلى دراسات الجدوى، وفجَّر مفاجأة عندما كشف أن هناك مشروعات لم يستفد منها الاقتصاد القومي للبلاد، وكانت الاستفادة للمستثمرين الأجانب الذين استنزفوا أيضًا المياه الجوفية في زراعات لا تخدم المواطن، مؤكدًا أنه لدينا مشروعات لم يتم الانتهاء منها منذ 16 عامًا.

وضرب أمثلة صارخة لمشروعات لم يستفد منها المواطن والاقتصاد القومي للبلاد منها: مشروع فوسفات أبو طرطور، وترعة الصف، والمشروع القومي للصرف الصحي، ومشروع شرق العوينات ووادي الصعايدة ووادي النقرة، ومشروع غرب السويس والحسنية وشمال مطوبس، ومشروع استصلاح 42 ألف فدان في الضبعة، موضحًا أنه رغم تكرار تلك المخالفات والسلبيات الخطيرة على مدار السنوات الماضية إلا أنه لا يوجد حساب وتَمُرُّ المسائل هكذا.