النيابة أمرت بحبسه 15 يوماً علي ذمة التحقيقات بعد قيامه بكتابة شكوي عن رغيف الخبز الإلكتروني
»ألووووه.. يا حكومة رضينا بمحدود الدخل ثم معدوم الدخل حتي وصلنا إلي ميت الدخل.. أكلنا الأكل المسرطن وشربنا المياه الملوثة وتنفسنا الهواء الملوث واشترينا الدواء الفاسد وتحملنا زيادة الأسعار وأزللنا في الطوابير حتي نحصل علي رغيف عيش حاف فلم نجده وتقاضينا الرواتب المتدنية وازدحمنا في المواصلات وصبرنا صبر أيوب علي أحوالنا المعيشية فاضل إيه تاني تعمليه فينا؟!«.
انشغلت الحكومة النظيفة بالقرية الذكية وتحدثت عن علم الإلكترونية ونست الحكومة النظيفة الذكية زراعة الصحراء بالقمح أو تبحث لنا عن حل أو بديل، وتوصلت مشكورة إلي فكرة إنشاء وزارة جديدة تسمي بوزارة الزراعة الإلكترونية، واكتشفت بذور القمح الإلكتروني وسوف تزرع بذور القمح الإلكتروني في أرض القمر الصناعي وتروي بمياه النايل سات ويصنع منه رغيف إلكتروني وبهذا يتحقق الاكتفاء الذاتي وسوف تعمم هذه التجربة في الدول الجائعة وتطبق هذه الاكتشافات علي الأقمار الصناعية ويعم الخير ويجعله عامر!!
وبهذا الاكتشاف سوف يعدل الإنسان العادي إلي إنسان آلي، وعندما يشعر بالجوع يتم شحنه بكارت من بذور القمح الإلكتروني وسوف يتم توفيره في الأسواق قريباً عن طريق علامة مسجلة نظيفة لا تقبل التنفيذ وطبعاً العلامة معروفة!!
وآخر ما توصلت إليه الحكومة الذكية النظيفة عمل شركة لبيع الهواء، وبعدين تخصخصها وتبيعها بشرط مراعاة محدود الدخل وعدم رفع الأسعار وتحسين خدمة الهواء ولا تكيل بمكيالين وتبيع الهواء الملوث للفقراء والهواء النقي للتصدير.
بالله عليكم الحكومة الذكية النظيفة فاضل إيه تاني تعمله فينا؟!.. حسب الله ونعم الوكيل«.
** كان هذا بالضبط هو نص الشكوي التي كتبها المواطن البسيط سمير أحمد البمباوي الموظف بالوحدة المحلية بمركز شبين الكوم، وهي الشكوي التي حولت حياته وحياة أسرته إلي جحيم، هو دخل السجن - ولايزال - بسببها بتهمة توزيع منشورات تكدر السلم العام.
نعم حدث هذا في الأسبوع الماضي جريمة ضد الحرية والديمقراطية تكشف زيف ادعاءات النظام الحاكم، تعالوا نقرأ القصة من بدايتها.
المواطن البسيط مثل غيره يذوق الأمرين من أجل توفير رغيف الخبز لابنائه الأربعة نهال بكالوريوس تربية وإيمان بالفرقة الثانية بكلية الآداب وأحمد ومحمد بالثانوي العام وهو يعيش في شقة متواضعة بشبين الكوم، وكان مصيره المحتوم الذي أوقعه في شكوي رغيف الخبز الإلكتروني التي كتبها علي الكمبيوتر وقبل أن يرسلها للمسئولين في الصحف علم رئيس مباحث شبين القناطر بما كتبه فأرسل له اثنين من خفراء قريته وتم اصطحابه إلي قسم الشرطة للاستفسار عن الموضوع وكان يحمل في يده المظروف الذي كان ينوي إرساله إلي الصحف فتم القبض عليه نتيجة وجود الشكوي التي تتضمن اقتراحه الساخر بإنتاج رغيف خبز إلكتروني.
وتمت إحالة سمير البمباوي إلي النيابة التي وجهت له تهمة توزيع منشورات معادية للحكومة وتحرض علي التظاهر وازدراء الحكومة.. استقبل الرجل الاتهامات بكل هدوء لأنه تعود علي إلقاء الشعر في المناسبات العامة والمحافل السياسية علاوة علي أنه رجل من أعضاء الحزب الوطني، حيث قدم لوكيل النيابة مقالاً بعنوان بصراحة كان قد كتبه علي ورق كمبيوتر وبه صورته يؤكد فيه أنه اختار مبارك رئيساً لمصر ولا يمكن اختيار غيره حتي لو رشح بوش نفسه معه، وقال سمير للنيابة إن هناك عشرات المقالات التي تم نشرها في الصحف القومية تعبر عن رأيه ورأي أهالي القرية وأنه لا يخاف الاعتقال أو السجن وأنا لم أخطئ وكل ما فعلته هو التعبير عن رأيي فقط، وهذا ما كفله القانون والدستور.
وحول القبض علي سمير البمباوي يقول ابنه أحمد في الصف الثاني الثانوي أن والدي كان يعبر عما يحدث في القرية.
وإنني اتساءل: لماذا تم القبض علي والدي رغم أنه يعبر عن رأيه وأن عهد مبارك لا يقصف فيه قلم كما سمعنا وهل هذا مقصور علي الصحفيين فقط أم أن الأمر يمتد لجميع المواطنين في مصر وبعد القبض علي والدي اكتشفت أن هناك خطا أحمر في النقد لا يمكن تجاوزه!
أما ابنه محمد وهو في الصف الثاني الثانوي فيقول اسألوا عن سمة والدي فهو رجل شريف والذي في قلبه علي لسانه وهذا ما حدث بدليل أنه ذهب بحسن نية إلي رئيس مباحث شبين الكوم، ومعه أوراقه لأنه يعرف أننا في بلد الحريات، ولكن الكارثة أنه تم القبض عليه ولم تعد هناك حريات ولا شيء.
ويضيف قائلاً: إن والدي رجل موظف وحبسه يؤثر علي عمله ولا يمكن أن يعامل بهذه الطريقة، خاصة أنه كان من بين مؤيدي الرئيس مبارك وأعد حملة لترشيحه وفي مقدمة مؤيديه فلماذا الآن يتم القبض عليه وأننا نطالب بالإفراج عنه حتي لا يكون حبسه وصمة عار علي جبين الحكومة.
أما شقيق سمير فيقول إن شقيقي من المناضلين الذين يقفون مع الفقراء والمساكين ومحدودي الدخل لأنه منهم ويعبر دائماً عن آرائه بطلاقة بدون حساب، ولا يمكن أن يتم حبسه بهذه الطريقة، وأنه لم يوزع منشورات كما يقولون، فكل ما فعله أنه كتب هذا المقال علي الكمبيوتر وقبل أن يرسله إلي الجريدة تم القبض عليه، ولم يتم العثور علي عدد كبير من نسخ المقال، حتي يتم تعداده من المنشورات، فهل ورقتان فقط يعتبرها البوليس منشورات؟ فهذا شيء مؤسف.
(منقول من الموقع الالكترونى لصحيفة الوفد)
