المستشار عثمان الكومى المديـــــــــر العـــــــــــــام
علـــم الدولــــة :
| موضوع: د. عباس شراقي: المعوقات الطبيعية تعرقل مشروعات التنمية في بلد يملك9 أنهار كبيرة وأكثر من40 بحيرة 23/3/2013, 5:00 am | |
| د. عباس شراقي المعوقات الطبيعية تعرقل مشروعات التنمية في بلد يملك9 أنهار كبيرة وأكثر من40 بحيرة الجمعة 22 مارس 2013
تشغل الرأي العام المصري في الآونة الأخيرة العديد من الأسئلة التـــي تتعلق بقضية مياه نهر النيل, ومستقبل العلاقـــة بين مصر ودول حوض النيل, خاصة بعد سعي تلك الدول لإيجاد آلية جديدة لتقاسم مياه نهر النيل مؤخرا علي أساس مايسمي بالاستخـــدام المنصف ونركز في لقائنا التالـــــي مع الدكتور عباس محمد شراقي أستاذ الجيولوجيا الاقتصادية بجامعة القاهرة علي الموقف الأثيوبي
وهل تؤثر السدود التي تقيمها علينا في مصر????? ولكي نكون أكثر تحديدا فقد طرحنا علي الدكتور شراقي التساؤلات التالية
1- ما الامكانات المائية لإثيوبيا؟
2- ما الدوافع التي جعلت إثيوبيا تعلن مواقفها الأخيرة بشأن مياه النيل؟
3- لماذا تتطلع إثيوبيا إلي حصة إضافية رغم وفرة المياه لديها ؟
4- ما دور الجيولوجيا في الحفاظ علي حق مصر في مياه النيل؟
5- هل إثيوبيا قادرة فعلا علي إنشاء مشروعات مائية كبيرة؟
6- وما حجم الضرر الذي قد يلحق بمصر والسودان؟
7- كيف تتم تنمية الموارد المائية بدول الحوض؟
8- ما مســــــــــتقبل التعاون المشترك بين دول الحوض؟
أجاب الدكتور شراقي
تسعي مصر دائما إلي تنظيــم علاقتها بدول حوض النيل والعمل علي استخدام الأسلوب الأمثل للاستفادة من مياه نهر النيل بما يعود بالنفع علـــي كل دول الحوض والاتفاقيـــات المبرمــــة بين مصر ودول حوض النيــــل يبلغ عددها 15 اتفاقيــــــــــة بدءا من1891 وانتهاء بمبـــــــادرة حوض النيل عام1999 وبعد فشـــل اجتماع وزراء شئون الميـــــــاه لدول حوض النيـــــــل في ابريل من العام الحالي وعلي الأراضي المصرية بشرم الشيخ
أعلنت دول المنبع عدا إريتريا التمرد وعزمهم علي إنشاء مفوضية جديــــدة تقوم علي إلغاء جميع الاتفاقيات السابقة, وإيجاد آلية جديدة لتقاسم مياه النيل علـــــي أســاس مايسمي بالاستخدام المنصــــــــف. وبدأت إثيوبيا بالفعل اعلانها عن افتتاح سدود جديدة وعزمها أيضا علــــــــي إنشاء سدود أخري دون استشارة مصر ويوضح أن إثيوبيا هي عبارة عن هضبة مرتفعة صعبة التضاريس حيث تصـــل أعلي نقطة بها إلي4620 متراي فوق سطــــــح البحر وأقل نقطة-122 وعلي الرغــــم من أن إثيوبيا تملك9 أنهار كبيرة وأكثر من40 بحيرة بينها بحيرة تـــــانا, إلا أن نصيب الفرد السنوي فيها من الميــــــــــاه المخزنة يصل إلــــــــي 38 مترا مكعبا فقط ( مقابل700 متر مكعب للفرد في مصر) بخلاف نصيبه من مياه الأمطار والتي يصل مقدارها سنويا علي إثيوبيـــــا إلي936 مليــــار متر مكعب يتبخر80% منها بسبب المناخ المداري وارتفاع درجة الحرارة ليجري علي السطح122 مليار متر مكعب فقط, ولا يبقي منها سوي25 مليار متر مكعب حيث يخرج97 مليار متر مكعب خارج الأراضي الإثيوبية توزيعها كالتالي
80 مليار متر مكعب إلي نهر النيل و8 مليارات متر مكعب إلي كينيا و7 مليارات مترا مكعب إلي الصومال وملياران إلي جيبوتي وتعد إثيوبيا الدولة الوحيدة في الحوض التي لا تستقبل أي مياه من خارج أراضيها
وبعد انتهاء الحرب الأهلية في إثيوبيا تتجه أنظار الحكومة إلي التنمية الداخلية مما جعلها تفكر في مياه النيل
ويوضح الدكتور شراقي أن إثيوبيا تعاني من العديد من المعوقات الطبيعية التي تواجهها عند إقامة مشروعات تنموية سواء كانت مائية أو زراعية أهمها
1- التوزيع الزمني غير المتجانس للأمطار حيث تهطل الأمطار في فصل واحد فقط وقصيـــــر( يونيو ويوليو وأغسطس) عكس معظم دول المنبـــع التي تسقط عليها الأمطار معظـــم فترات العام بالإضافة إلي البحيرات والأنهار الدائمة, وبالتالـي فإن الزراعة المطرية في إثيوبيــــا تتم في موسم واحد فقط وهو موسم المطر بينما الزراعة المروية لا تشكل سوي3% فقط من الزراعات الإثيوبية
2- التوزيع الجغرافي غير المتجانس أيضا لسقوط الأمطـــــــار, التي تتركز غرب وجنوب إثيوبيا بينما الشــــــرق خاصة في مثلث عفار يعاني من ندرة المياة
3- ارتفاع معدل البخر والذي يصل متوسطه إلي87% رغم ارتفاع الأراضي الإثيوبيــــــــــــة عن سطح البحر
4- صعوبة التضاريس حيث الانحدارات الشديدة(1 ـ2%) والأودية الضيقة العميقة
5- نوع الصخور يلعب أيضا دورا سلبيا بالنسبة لمشروعات تخزين المياه في إثيوبيا إذ تشكل الصخور الصلبة حوالي75% من مساحة السطح ( بازلت50% وصخور ماقبل الكمبري المتحولة25%) أما الـ25% المتبقية فأغلبها صخور رسوبية جيرية متشققة, وبالتالي صخـــور غير مناسبة لتكوين خزانات مائية سواء كانت سطحية أو جوفية ولقد تم إنشاء حوالي70 سدا صغيرا في شمالي إثيوبيا( حوض نهـــر عطبرة) خلال الخمسة عشــر عــاما الماضية وفشل منها45 ســــــــــدا في القيام بغرض الإنشاء لأسباب جيولوجية وجيوتكنيكية بنسبة 70% ولم تتأثر مياه النيل بهذه الخزانات بل شهدت بحيرة ناصر أعلي منسوب لها (178 مترا) في أكتوبر1998 ودخول المياه إلي منخفضات توشكي بكمية تتعدي الـ25 مليـــار متر مكعب وتكوين مايعــــــرف ببحيرات توشكي والتــــــــي مايزال بعضها حتي الآن
6- وفي يناير الماضي افتتحت إثيوبيا سد جيبي2 ( علي نهر أومو المتجه إلي بحيرة توركان ا ـ كينيا, وهو خارج حوض نهــــر النيل) وبعد مرور احد عشـــــر يوما فقط ومع أول فيضان تم تدميــــر جزء كبير من النفق الخاص به نتيجــــة ارتطام كتل صخرية به ويجـري الآن إصلاحه الذي سوف يستغـــــــرق أكثر من 6 أشهر
7- التعرية الشديدة للصخور ومايصحبها من إطماء حيث يصل المتوسط السنوي لكمية الطمي المنقولة إلي أكثر من12 طنا للفـــدان, وقد تسبب هذا الإطماء في خفض السعة التخزينية للسدود السودانية المنشأة علي الأنهار النابعة من الأراضي الإثيوبية بنسبة50 إلي75% فماذا عن السدود التــــــــي تنشأ داخل الأراضي الأثيوبية. السعة التخزينية للسد العالي لم تتأثر كثير ا( نحو2% خلال الأربعين سنة الأخيرة) ويرجع ذلك إلي السدود الإثيوبية والسودانية التي تحجز معظم الطمي قبل أن يصل إلي السد العالي. وبحيرة تــــانا التي هي أكبر بحيرة في إثيوبيا ومنبع النيــــل الأزرق يصل سمك الرواسب بها إلي100 متر علما بأن متوسط عمـــــــق المياه في البحيرة8 ـ9 أمتار
8- نوعية المياه التي ترتفع درجة ملوحتها في المنطقة الأخدودية المنخفضة في وسط إثيوبيا بسبب البخر الشديد وقلة الأمطار
9- شدة الفيضانات نتيجة الأمطار الغزيرة والانحدارات الشديدة
10-كثرة الزلازل نتيجة مرور الأخدود الإفريقي بإثيوبيا والذي يقسمها نصفين وكذلك كثرة الفوالق والتشققات في الصخور الإثيوبية مما يسبب عائقا كبيرا في إنشاء السدود من الناحية الهندسية
11- التصحر في أماكن كثيرة في إثيوبيا لأسباب طبيعية أو بشرية
خلاصة القول
إن المشكلة الحالية تكمن في أن إثيوبيا تعاني بالفعل نقصا شديدا في المياه وهي أكثر دول الحــوض معاناة من نقص الميـــــاه رغــم أنها المساهم الرئيســـــــــي في مياه النيل
كما أن طبيعة الأراضي الإثيوبية لاتصلح لإقامة سدود كبري لتخزين المياه مهما تكن التكنولوجيـــــا المستخدمة, وإذا افترضنا ذلك فكيف يتم نقــل المياه المخزنة إلي المناطــــــق الوعرة التضاريس؟
ويري الدكتور شراقي أنه بالتالي لا داعي للذعر الذي تسببت فيه بعض وسائل الإعلام في الفترة الأخيرة وفي الوقت نفسه فالمشكلة ليست هينة وهناك تصدع حقيقي في علاقة مصر بدول الحوض
وبناء علي هذه الحقائق يأتي تعامل مصر مع إثيوبيا وبقيــة دول حوض النيل مبنيا علي روح الأخوة الإفريقية والتعاون المشترك لا للاستفزاز السياسي. وأن يستمر دور مصر في التعاون وتقديــــم يد العون والمساعدة للدول الإفريقيـــة خاصة دول حوض النيل, ليس في مجـــــــال تنمية الموارد المائيــــــة فقط, بل في شتي المجالات الأخـــــــــري مثل التعليم والزراعة والتجــــــارة والصناعه وغيرها
ومفتاح الحل للأزمة الحالية يبدأ من إثيوبيا وإعطائها الأولوية عند إقامة مشروعات مائية في دول الحوض. تعد اثيوبيا من الدول التي بها أدني معدلات الحصول علي الكهرباء في العالم, حيث يصل جملة ماتنتجـــــه اثيوبيــــــا أقل من 1000 ميجا وات (80% من الإثيوبيين يعيشون بدون كهرباء)
ويؤكد الدكتورشراقي أنه لن يؤثر علي حصة مصر والسودان أن تقام بعض المشروعات المائية الصغيرة التي تتناسب مع الظروف الطبيعية الإثيوبية لتوليد الكهرباء للاستفـــــادة من المناطق شديدة الانحـــــــدار, أو لإقامة بعض المشروعات الزراعيـــــة المطرية أو المروية التي فـــــــــي الأغلب ستكون محدودة المســــــاحات نظرا للطبيعة الجيولــــــوجية والتضاريسيـــــــــة الصعبة | |
|