الاستاذ/المعتز عضـــــــــو جديــــــــــــــد
علـــم الدولــــة :
| موضوع: ذئب بلا أنياب 11/1/2010, 2:25 pm | |
|
ذئب بلا أنياب
ذئب بلا أنياب إستساغ البعض منا الكذب والخداع واختار طريق خبث الذئاب ، وكلنا نخاف الذئاب ، ومسكين من لا يدرك أنه يسير في طريق الذئاب ، فسوف يبقى ذئب ، وذئب من يرى الذئب ينهش في لحم من يحب ولا يحرك ساكناً . تعالوا إلى حارتنا ... وأنا جالس أمام منزلي أداعب أطفالي وأطفال الحارة , ومنزلي قريب من منزل ( أم أحمد ) المسكينة 00 أحسن جارة 00 منزلها هو نهاية الحارة 00 كان زوجها معلماً معاراً بالخارج .. كانوا ميسورين الحال . يعرف زوجها حق المال , في إعطاء المحروم , ومن يمد يده للسؤال . مات زوجها , منذ زمان , وتغير الحال , فلم تعد ميسورة الحال , ولديها عيال . ولوفائها لعادة زوجها فقد ألزمها ألا ترد من دق بابها مكسور الخاطر خزلان , لمحت بنظري عند ناصية الحارة امرأة ً أعرفها جيداً , وقد لا يعرفها الكثير من أهل القرية, لاتساع وامتداد القرية, لديها أربعة أبناء ، نعم كانوا أيتام ولكنهم الآن رجال ، هي وهم يديرون أعمال .. لديهم سيارة أجرة ومحل جملة .. يملكون في الناحية الأخرى من القرية منزلاً من خمسة أدوار , أعرف مقصدها من المجئ لحارتنا , فكانت عيني لها بالمرصاد . تأتي من بعيد بخطوات متثاقلة كأنها المريضة , وذراعاها مرفوعتان لتمسك قفتها فوق رأسها . . اقتربت مني , فركزت بنظراتي على وجهها , حتى أرى تكملة حيلتها الذئبية .
رفعت حاجبيها , وكسرت عينيها , وقليلاً فتحت شفتيها .. وهزت رأسها مع كل خطوة , كأنها المسكينة المحرومة المستغيثة الملهوفة , وتميل بكتفيها يميناً وشمالاً , كأنها حية تسعى , اقتربت أكثر , فأنكست رأسي ليكمل سمعي باقي المهمة . سمعت زفيراً يتخلله تنهيدة مع كل خطوه لها ( هه .. هه .. هه ) , وأخرجت من فمها نداءً : ( يا أم أحمد ) , نداء خافت . ظله ثقيل, وقبل أن يخرج من فمها, أصبغته بلعابها الممزوج ذلة ومسكنة . وخرج هذا النداء بنغمة وجرس يثبت هذه الصبغة, فقد فتحت فمها في ( يا ) وأخفت الألف , وخطفت الـ ( م ), وأخفت الألف, ثم أطالت مع رفع صوتها في بحة الـ ( ح ) للإيهام بأنه القحط قد نزل بها, حتى انتهت البحة فأخرجت الـ ( م ، د ) سوياً وحبست النفس, ثم أرسلته بما تبقى من الـ ( د) إندهشت ! لماذا تنادي ( يما ححمدده ) بهذا الصوت المنخفض وبهذه الصورة قبل أن تصل إلى الباب ؟ فما زال الوصول إليه يستغرق حوالي خمسة عشر متراً !! إنها( بروفة ) قبل أداء الدور . ووسيلة لإتقان تقمص الشخصية الذئبية . أخذت في السير إلى الباب بعد أن مرت عليّ, فرفعت رأسي لأوجه بصري إليها وهي تطرق الباب . ففتح الباب لتدخل إلى الدار , وبعد دقائق معدودة خرجت من الباب بهيئة غير الهيئة . فقد انتصبت قامتها , وسبتت رأسها , وحافظت على اتزان قفتها فوق رأسها بدون أن تمسكها, فيداها مشغولتان : يد تشد طوق ثوبها ويد تضع أوراق النقود بين لفائف طوقها. خرجت والنشوة تملأ وجهها . خرجت وهي تغمض عيناً وتترك الأخرى مفتوحة كأنها تفكر في ضحية أخرى . خرجت في خفة ونشاط من حارتنا . تتكرر كثيراً مشاهد إفتراس الذئاب لمن أحب أمام عيني . حالة أنا فيها : ذئب .. ولكن بلا أنياب . | |
|