البتانون

عزيزى
انت غيـــر مسجل .. بــــــادر بالتسجيل معنا
كى تتمكــــن من الاطـــــلاع على مواضيعـنا


البتانون

عزيزى
انت غيـــر مسجل .. بــــــادر بالتسجيل معنا
كى تتمكــــن من الاطـــــلاع على مواضيعـنا


البتانون
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

البتانون


 
الرئيسيةالبوابةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 قلــم وإنســان

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الاستاذ/المعتز
عضـــــــــو جديــــــــــــــد
الاستاذ/المعتز


علـــم الدولــــة : قلــم وإنســان Female31

قلــم وإنســان Empty
مُساهمةموضوع: قلــم وإنســان   قلــم وإنســان Empty11/1/2010, 2:22 pm

قلــم وإنســان



في ليلة من ليالي الشتاء . أجلس في غرفة من الدار . جعلتها لمن يأتيني من أسفار .
وقد سكتت الدار وعمها الهدوء بعد أن نام العيال وأم العيال
لأكون بمفردي في وحدتي وليلتي .
قرأت الصحيفة مرتين .. وسئمت المذياع والتلفاز
وشربت الكثير من الشاي
فازداد توتري فذهبت أطل من النافذه لقد كان نهار
هذا اليوم مطيراً . ففرش الطرقات وحلاً وطيناً
ومعظم المنازل اطفأت الأنوار إلا القليل الخافت
فتحولت معالم حارتي المألوفة إلى أشباح مخيفة .
ما هذا الضيق المطبق على صدري في هذه الساعة ؟
لا أجد ما افعله ، وقد أدار النوم لي ظهره بنذاله ،
وأوقعني الفراغ في حفرة أتقاتل فيها مع الملل ،
ما العمل ؟
لقد جف حلقي من طعم الرتابة ، واشتد الخناق .
كيف أخترق هذا الحصار .
سأجن .. لأجن ، وأخلع هذا الطوق من رقبتي ، لأكلم نفسي .. لأكلم بعض الأشياء
ولكن هذا هراء
وفجأة جاءتني حيلة ظريفة لا تخلو من بعض جنون .
فقد وجدت قلما قديماً على الرف .. لآخذه وأنظفه وأملأه حبراً ، وأعيره فكري ولساني
لأحدثه ويحدثني .
وأكتب به على الورق كلامه وكلامي
وإذا دخل من الباب أحد الأولاد وسألني ماذا تكتب ؟
سأقول له : تؤرقني حسبة عويصة سأنهيها
وأدخل لأنام .

الإنسان : السلام عليك ياقلم .
القلم : السلام عليك ياإنسان
الإنسان : كيف حالك ؟
القلم : أنا بخير ما دمت بين أصابع إنسان . وكيف حالك أنت ؟
الإنسان : الحمد لله دائماً وأبداً .. ولكن تتكرر مثل هذه الليالي وأشعر بالضيق ولم يعد لي صديق .
القلم : لماذا لا تتخذني لنفسك صديقاً ؟
الإنسان : عزيزي : لا تغتر .. سامحني .. كلامي معك الليلة حيلة مجنونة بعض الشيء ، لتمر هذه الليلة على بسلام وأذهب لأنام فكيف أتخذك صديقاً ؟ ذلك الجنون بل كل الجنون ، معذرةً .
القلم : ردك على كعادتك فيه إخفاء وإجادة تمثيل الغباء : تخفي رغبتك أن نكون صديقين ألم يراودك ذلك كثيراً ؟
وتمثل الغباء كأنك لا تفهم كيف نكون صديقين ؟ ألا تعلم أن ذلك يعني أن نمارس فن الكتابة . فتكون أديباً ، شاعراً ، قاصاً .
الإنسان : لن أعاندك . وسأختصر الطريق . فمعك حق وكلامك صدق . ولكن كيف اكتب وحظي قليل في العلوم ؟ لم أفز بدكتوراه ولم ألتحق بجامعة .
القلم : يا مهووس .. العلوم ليست دائماً في الفصول ، العلوم في الكتب على الرفوف ، وعندك الكثير إذا أردت للتمرد على قبح المألوف .
الإنسان : ليس عندي وقت بعد العمل للحصول على لقمة العيش .
القلم : غير صحيح . تمضي الساعات في غيبة ونميمة وتجلس أوقاتاً طويلة أمام التلفاز .. تشاهد السفالة وتسمع التفاهة .. واعترفت لي بتكرار مثل هذه الليالي . وأنت جالس وحدك بدون هدف ولا غاية
اغتنم هذه الأوقات في القراءة وممارسة فنون الكتابة .
الإنسان : هذه الفنون شاقة وثقيلة .. سترهقني وتتعبني .. ستؤرقني.. وتحيرني
القلم : وما الضرر ؟ تحمل المشاق لجني ثمار هذه المشاق . ولك فيّ المثل . كما تراني حجمي صغير وجسمي نحيل ومع ذلك أقف على وجهي ليسيل لعابي من فمي . لأخط ما يريد صاحبي على الورق .
أليس ذلك شاقاً متعباً
ولكن النتيجة جميلة .. ينشط جسدي .. ويتجدد الحبر في عروقي .. وأنال مكانة رفيعة عند صاحبي .
فعندما أداعبه وأختفي تحت الورق يبحث عني بتوتر وقلق ولا يهدأ حتى يمسكني بيده ليرتاح ويفرح .. وأنا أضحك .. وأنت يا إنسان عندما تمارس هذه الفنون سيطوف قلبك في أرجاء الوجود . ليعود ساقياً وجدانك . عذوبة ونشوة من كأس جمال الوجود .
الإنسان : هذا شيء صعب المنال ؛ لعلوه وضخامته أمام قصر وضآلة همتي .
القلم : أخضعت نفسك لأقوال الكسل وأوهام العجز فضاعت منك فرص كثيرة لتمسك بعضاً من المجد وسبقك في المضمار أقران أقل منك موهبة ً وكفاءة فأصبحت إنساناً عادياً بل أقل من عادي
الإنسان : لا تؤلمني بهذا الكلام .
القلم : تألم حتى تغسل قدميك من وحل العجز ، وطين الكسل ، لتصعد للمجد في خفة ونشوة .
الإنسان : لماذا كل هذا الاهتمام ؟ ماذا ترى في ّ ؟
القلم : أرى فيك إنساناً عشت حياة إنسان ولك تجربة إنسان . تؤخذ منها رؤية إنسان وكفاك شرفاً أن خلقك الله إنساناً ، وأهتم بك لوجود موهبة فنان وبعض صفات وسمات كاتب ، وتجربتك عميقة مع الحياة وتستطيع السباحة في الخيال .. واسمح لي بتصفح أوراق ذاكرتك لأثبت لك منها ذلك معذرة ً .. سأسهب في ذلك ويطول بنا الوقت . لأحفزك وأشجعك لنكون صديقين .
الإنسان : تفضل على الرحب والسعة وأخبرني من أين ستبدأ ؟
القلم : وأنت مراهق ... تافه .. سخيف وكنت نحيفاً وتصرخ من لسعات العشق والغرام فقد صنعتهما بيديك من السراب وكانت لذتك من ألمك وأنت وحيد في هذه الأحلام .. وخبأت أمرك هذا بكل حيل الإخفاء لكي لا تفوح رائحته .. فإن لك رفاقاً حداد اللسان ستعاقب منهم أقصى عقاب .. سيجعلون منك أضحوكة فيقولون .. لم يبق إلا هذا ؟
حتى يقتحم حصن العشق والغرام .. انه غير جميل الوجه .. غير أنيق الثياب .. ولوحظت عليك الأعراض . كشرود النظرات واصفرار في خديك .. ورعشة في يديك وتلعثم في الكلام عندما تمر حبيبتك الوهمية فكأنك رأيت جنية .. وضبطك صديق متلبساً وأنت تختلس النظرات ... عانيت وضاع منك وقت كثير .. ولكنك امتلكت قلباً كبيراً بعد أن رفرف وخفق .. وإنقبض وانبسط . وتعلم كيف يدق على صدرك ولم يعد من حجر . فكان له في عالم الشعور والإحساس مكان نبيل .. أليست هذه سمة كاتب وفنان .. مثلك لو كتب سيختار المواضيع الجسام كما كنت تختار أضخم الأشجار لتتسلقها وتصل لأعلى الأغصان .. وقد تركت الخوف وأسقطت الخطر ووقفت بقدم ثابتة على أفرع متأرجحة ونظراتك واقفة في وجه الريح وجلبابك يرفرف في الهواء كراية لبارجة أو باخرة وتنظر لقريتك من بعيد كأنها عشك وأنت عقاب ..
وتقول بأعلى صوتك : أنا طفل هذا الريف وليس في عامي خريف .
ولقد تعلمت في الصغر الصبر والجلد ، عندما كنت تصطاد الأسماك وتجلس على الشاطئ ساعات وأنت تنظر للغماز ليعطيك الإشارة وقد جاءت .. أخذ يغمض جفنيه ويرقص حاجبيه فترد عليه : أنت غماز هجاص ، سأتركك تغطس لتكتم أنفاسك فقد أتلفت أعصابي من كثرة تهريجك ومزاحك لن أطيعك بسرعة وأرفع السنارة كما فعلت في كل مرة ، ولم يخرج صيد . اغطس لأتأكد أن الصيد بلع كل الطعم ، وغطس الغماز بعمق وكاد الصيد يخطف السنارة من يدك ، وانتقلت بشرى الفوز من يدك لباقي كيانك كأنها الكهرباء ، ورفعت البوصة بقوة وخرجت السمكة تتلألأ في الهواء ورافقتها عيناك بفرحة من خروجها حتى ارتمت على أرض الشاطئ .
إن الصبر والمثابرة من صفات الكاتب حتى يفوز بإخراج أعماله الفنية من نهر البلاغة والبيان ... ولما صرت شاباً فتياً .. كنت تسير في الحقول مع شمس الأصيل لتردد الأذكار وتتأمل وتتفكر . وكانت لك جلسة أمام عيدان البرسيم صفها لنا .
الإنسان : كنت أجلس أمام عيدان البرسيم كأني معلم للأولاد في الكتاب أحكي لهم ألف قصة وألف حكاية . فهذا عود انتبه لي ليحفظ كل ما أقوله . وهذا عود تعب من طول الجلسة فأخذ يتثأب لينام على كتف صديقه . وعود آخر يصفق بيديه لانتصار الأخيار الأبطال ويعصب حاجبيه لفرار الأشرار وهذا عود جلس على غير رغبته وأدار وجهه عني ليكلم صديقه في شيء ما ربما يتبرم من هذه الجلسة أو ربما يسبني ويسب أمي
القلم : ما أجمل هذا الوصف ألم أقل إنك موهوب .
هل التحقت بالجيش ؟
الإنسان : نعم
القلم : هذه تجربة مفيدة فهناك شبه كبير بينه وبين تجربة الكتابة القادمة . ستوفر لك الوقت والجهد لتنضبط وتلتزم بقواعد وأصول فنون الكتابة . وكن رامياً ماهراً بقلمك لإصابة أهدافك بطلقات كتاباتك
أوقف كلماتك انتباه في الجمل والعبارات حتى لا تخرج عن معانيها المقصودة في جمل منسقة ومصفوفة في سطور على ورقة كأنها أرض طابور
وقف انتباهاً كعود من حطب لسماع أوامر أفكارك ، فهي القائد في ميدان الجدل والنقاش
كن فدائياً للكتابة وأطلق شعاراً مرعباً وأنت تقتحم بقلمك حصون القهر والاستعباد ، قل بأعلى صوتك : التحرير أو الشهادة ،
التحرير أو الشهادة ، التحرير أو الشهادة
الله أكبر
ولك تجربة في الترحال .
بعد معاناتك من ضيق الرزق في بلدك ، تمنيت الرزق الحلال على الشاطئ الآخر للبحر الكبير الفاصل بيننا وبين الأخر ، قطعت هذه المسافة الطويلة ، لترى تغير الأشياء والإنسان من أشكال وألوان وألسن وأديان ولا أديان
وعشت مع أناس ليسوا مثلك ، ولم تبغ أن تكون مثلهم لفجور طبائعهم وبهتان عقائدهم ،
نفرت ببكائك إلى أحضان عقائدك وحروف لغتك ، لتقرأ وتقرأ أضعاف أضعاف ما قرأته وأنت على أرض وطنك . فكانت بداية لا تجعل لها نهاية . لأن القراءة هي الزاد الحقيقي لمن أراد السير في قافلة الكتابة .
الإنسان : سيدي أخجلتني من كلامك وأنا لست بكل هذا الجمال
القلم : أعرف ذلك .
أعرف أن غضبك قبيح ولسانك وسيط بين صمت فاجر وهجاء غائر ، وليس لك عزيز فعزلتك المريبة لأصحابك أوقفتهم عن التقدم نحوك وشكك الدؤوب وراء الأشياء لتعرف الحقيقة من الأكذوبة ثقيل وخانق . مد يدك إلى ّ ستجدني صديقاً يتحمل سوء طباعك وإهمالك ، وستفتح الكتابة لك صفحاتها لتكب فيها حقدك الدفين وغلك المخزون للظالمين فتنفس عن نفسك لترتاح
حبيبي : الكتابة ليست ترف أو رفاهية . هي الماضي والتاريخ
هي خطبة الواعظ من فوق منابر المساجد ، هي حبك للأجيال القادمة
ليبدأوا من آخر ما تعلمت فتوفر لهم الوقت والجهد لخوض التجربة
اكتب حتى تكون ابناً باراً للغتك ، لغة دينك ، لغة قرآنك ونبيك .
الكتابة هي شرف لورثتك ضع ما كتبته في خزانتك من فن كتابتك .. ليقرأها ابنك فيقول : أبي كان إنساناً .. ويفتخر حفيدك : جدي كان فناناً ..
الكتابة ستطيل عمر ذكراك مدحاً وثناءً بعد أن تعلق أبيات قصيدتك على شفاه أولادك وتطبع على شفاه أحفادك ، وهكذا إلى ما شاء الله
وتذوب تركتك قصراً كانت أو طيناً من تقليب الدهر بمعلقة الحاجة والضنك في كوب مملوء ببيع وشراء . ويمكث الفن وتذهب الأشياء .
عزيزي : أطلب منك شيئاً . ألا تهملني وتبخس حقي ، فقد أقسم بي ربي ، لا تجعلني سلعة تشترى وتباع ويهدي بها في الأعياد ارفعني إلى جيبك لأنام على قلبك وأيقظني وقتما تشاء أكون لسانك في الحال .
الإنسان : صديقي قد أوجعت قلبي فسامحني لسوء أدبي فكثير هو جهلي ولك مني كل تبجيل ، واحترام ، فقد خلقك الله قبلي ، وأعتذر لغياب مكانتك عن قلبي في كثير من عمري ، فلم أعرف أن راحتك في جيبي وسام شرف على صدري وسعى لقضاء حاجاتك فضلي وأدبي ، ووقفتك على مكتبي زينة غرفتي وتوقيرك عبادة ، وصداقتك فن ، فلك جزيل الشكر على آخر ما قدمته لي من معروف ، فقد فرجت كربي في ليلتي هذه ، أتشرف وأعتز بصداقتك ولن افرق هذه الأوراق كما سبق سأعرضها على من لهم في فن القول خبرة وأكون قد خطوت خطوة على الطريق ما أمجده ! وما أعرفه ! وما أصبحه ! من طريق
طريق أسير فيه مع أخلص صديق ما أجملها من مسيرة
مسيرة صديقين ..........
قلم وإنسان

 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قلــم وإنســان
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
البتانون :: منتدى القصـــص القصيـــــرة-
انتقل الى: