البتانون

عزيزى
انت غيـــر مسجل .. بــــــادر بالتسجيل معنا
كى تتمكــــن من الاطـــــلاع على مواضيعـنا


البتانون

عزيزى
انت غيـــر مسجل .. بــــــادر بالتسجيل معنا
كى تتمكــــن من الاطـــــلاع على مواضيعـنا


البتانون
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

البتانون


 
الرئيسيةالبوابةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 نسمات الإنسانية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الاستاذ/المعتز
عضـــــــــو جديــــــــــــــد
الاستاذ/المعتز


علـــم الدولــــة : نسمات الإنسانية Female31

نسمات الإنسانية Empty
مُساهمةموضوع: نسمات الإنسانية   نسمات الإنسانية Empty11/1/2010, 2:14 pm

نسمات الإنسانية

بعد منتصف ليلة من ليالي الربيع ، وأنا جالس في الزنزانة .... زنزانة طويلة وعريضة ... وضيقة من تزاحم تلال الأجساد الهزيلة والأصوات الحقيرة من شخير وظراط ونشاط حشرات . 
مرّ علىّ رجلُ وقور ، أعرفه ، إنه إمام الصلاة بالزنزانة ، إنه رفيق من ملايين حكم عليهم بالحبس بالزنزانة ، ومثله قليل ، فلم يحكم على نفسه بالحبس في جسده ، ولم يقفل صدره على قلبه ، ولم ينس ضميره حقيقة الإنسان . 
مرّ علىّ واستمر في السير ناحية باب الزنزانة وخرج من الباب . 
فوقفت واندهشت !! 
فقد نجا الإمام من الزنزانة وحرس الزنزانة .... خرج الإمام من الزنزانة لألحقن به . لكن ... ترددت ، أخاف أن أصاب بنيران الحرس ، فأموت . 
لكني سأموت . إن كنت غنياً سأموت .. إن كنت فقيراً سأموت . 
سأموت ذليلاً في الزنزانة . 
من جلستي النتنة سأموت . 
من ضربات الإهانة على رأسي سأموت . 
من سهام حزن قد أصاب قلبي سأموت . 
من هزلان جسدي . فقد سرقوا كسرة خبزي ... سأموت . 
سأجري لأخرج من الزنزانة ، ولو قتلوني فهذا خير لي سأُقتل وأنا أنقذ بعضاً من شرفي ، سأقتل وأنا أحافظ على بعض كرامة إنسان . 
نظرت إلى الباب وسرت نحوه فخفت أن أخاف فهرولت ثم أسرعت وأسرعت ... 
حتى خرجت من الباب .
لا أصدق .. أنا خارج الزنزانة !! 
ما أجملها من فرحة ! فقد خرجت من الزنزانة . 
ما أوسع هذه الأرض !... ما أصفى هذه السماء !. 
ما أبهى هذا القمر !.. ما أنقى هذا الهواء !
ما أعذب هذه النسمات .. !
ولكن أين الإمام لأعرف ماذا أفعل ؟ وأين أذهب ؟ 
ولكي أرى كيف يكون الأمر ، وأسمع كلام الشجعان ، فإني مطارد من الحراس . 
بحثت بنظري في الأرجاء فوجدته يكتب بقلمه على ورقة . 
ذهبت نحوه حتى رفع لي رأسه .. وأطلق ابتسامة ترحيب ونظرة تشجيع وأفسح لي فجلست بجانبه . 
قلت له : إمامي . في مثل هذه الظروف تكتب ! في مثل هذا الإبتلاء وهذه المحن والأزمات تكتب ! 
قال لي : بني . إن المحن والأزمات هي صلاة القلب الموصول الصابر ... 
بعد أن يقيمها فيخرج منها .... 
وقد رقّ وخفّ وشفّ 
رقّ .. فيكون ميزاناً حساساً لأدق المعاني في الكلمات فيثبت على الحق لأبسط برهان وأقل العبارات . 
وخف .. ليتسلق أسوار الأسرار فيتزود بالإدراك ليرجع بخير رفيق للإنسان . 
وشف .. فيدخل منه نور الإيمان ليطرد ظلام الجهل والبهتان . 
بذلك يسير الإنسان في طريق الحق إلى الحق غير مبال بالأشواك ويعيش حقاً إنسان . 
قلت له : عن ماذا تكتب ؟ 
قال لي : أكتب لحبيبتي . 
قلت له : أفي العشق والغرام تكتب ياإمام ؟ 
قال لي : لا أكتب في العشق والغرام ولا كيف تكون القبلات والأحضان . 
هذه غريزة لا تحتاج لأوراق ولا لأقلام . لقد خلق الله كل الكائنات فيها علماء 
أنا أكتب لحبيبتي 
هي الصديق والرفيق 
هي قدمي وأرضي 
هي زرعي وفأسي 
هي هوائي ورئتي 
هي سهلي ونهري 
هي لغتي وفقهي 
هي أحزاني وآلامي وهمومي 
هي داري وأهلي هي مطري وظمئي 
هي مواقيت صلاتي وأصوات دعائي هي حبيبتي 
قلت له : لا ... إنها تكرهنا إنها خائنة إنها طاغية تحبسنا .. تسرقنا .. تظلمنا .. تستعبدنا .. 
قال لي : يابني . هذه الزنزانة وليست الحبيبة لا تخلط بين الأشياء . 
هل رأيت عندما خرجت كيف هي الحبيبة جميلة ؟ 
قلت له : معك حق . 
اللعنة على الزنزانة .. ومن صَنعَ الزنزانة وخدم الزنزانة .. وحرس الزنزانة . 
قال لي : لا 
لا تسب ولا تلعن فتنفس عن نفسك ، فتهدأ لتبرد وتتبلد . 
وعندها لن تتغير ولن تغير . 
هل أزاح سبك ولعنك من ركب على ظهرك وإستعبدك ؟ 
عن سبك ولعنك لمن ركب على ظهرك دون أن تتحرك جعل منك فريسة شهية تسيل لعابه وتزيد لهيبه فيطول ركوبه . 
لا تسب ولا تلعن ولا تصرخ واترك نيران ظلمك في صدرك لتحرق قلبك فتغضب وتتشنج وتتحرك ليستقيم عودك . 
وتزأر لثأرك بدلاً من صراخك لنجدتك . إحبس أنفاسك وغيظك لتحرك قلبك فيعمل عقلك لتتغير وتغير . 
تغير فكن ضربة حق في وجه الطغيان . 
تغير فكن مطراً يغسلنا من رجس الأوزار . 
كن حقلاً للأطفال .. كن غصناً للأزهار كن رساماً للأفكار . 
كن حيلة تخرجنا لنمسك بزمام الأمر من الفجار 
كن مجداً فوق الأعناق .. كن كنزاً في الأنفاق 
كن نحاتاً للأفضال على صخر من الصوان 
كن وتراً يملأ الأنحاء عزفاً شجياً مؤنساً لمن سار على الدرب موصياً بالحق والصبر . 
قلت له : ما أعظم هواء الحرية .. ما أعزب نسمات الإنسانية 
قال لي : هيا لنرجع إلى الزنزانة 
قلت له : أرجع إلى الزنزانة !! 
لا .. لن أرجع بعد أن امتلكت كل هذا الرحاب . لن أرجع بعد أن تغطيت بالسماء واضجعت على القمر .. لن أرجع بعد أن استنشقت هذه الرائحة الزكية لنسمات الانسانية 
قال لي : هذه أنانية وليست فروسية ولا إنسانية أن تتمتع هنا وتترك الآخرين محرومين معذبين .
لا تخف ...
سنرجع فاتحين ولسنا منساقين ... 
سترجع مسلحين ولسنا مقيدين ... 
لنقتحم الزنزانة .. ونهشم مذياع الشيطان . لتسكت أغنية البهتان .. ويعلو صوت القرآن فيتعلم الناس الحقيقة ويعرفوا الطريقة . ونخرج من سقف الزنزانة .. وحكم الزنزانة لتكون السماء سقفنا وحكم من رفع السماء هو حكمنا . 
ويخرج من الزنزانة كل ما هو إنسان ونجعلها مقبرة للظلم والطغيان 
ونسد بابها بالحجارة . 
وستكتب عليها جملة للتذكرة لمن يأتي من أجيال قادمة . 
ماذا ستكتب ؟ 
قلت له : سنكتب : 
( كانت جاهلية حرمتنا نسمات الإنسانية )



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
نسمات الإنسانية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
البتانون :: منتدى القصـــص القصيـــــرة-
انتقل الى: