البتانون

عزيزى
انت غيـــر مسجل .. بــــــادر بالتسجيل معنا
كى تتمكــــن من الاطـــــلاع على مواضيعـنا


البتانون

عزيزى
انت غيـــر مسجل .. بــــــادر بالتسجيل معنا
كى تتمكــــن من الاطـــــلاع على مواضيعـنا


البتانون
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

البتانون


 
الرئيسيةالبوابةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الأدباء إذا جاعوا !

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
السيد القاضي
كبيــــــــــر المشرفيـــــــــن
كبيــــــــــر المشرفيـــــــــن
السيد القاضي


علـــم الدولــــة : الأدباء إذا جاعوا ! Female31

الأدباء إذا جاعوا ! Empty
مُساهمةموضوع: الأدباء إذا جاعوا !   الأدباء إذا جاعوا ! Empty4/12/2009, 3:14 am

"رحلة في عالم اليأس والإحباط والأسى"
الأدباء إذا جاعوا !
§ بقلم: إبراهيم محمّد حمزة

أمّا عن اليأس والإحباط والأسى، فحدّث ولا حرج، أدباء ينتحرون، أدباء يكتئبون، أدباء يهربون من حضن الكلام الذي يلقي بهم في أسَن الفقر والجوع، يلقي جمال السّجيني بتماثيله في النّيل، يحرق أبو حيّان التّوحيديّ كتبه، يدخل إمام العبد زقاقًا لا يخرج منه إلا ميتًا، وقديمًا عاش الخليل في خص له والنّاس تأكل الدّنيا بعلمه، ومات الأخفش جوعًا، كلّ هذا وكثير غيره نلقاه ولا عجب، ولكن أن يصل الحال بالأدباء "المشاهير" إلى الجوع، فهو ما يستحقّ وقفة تأمّل، لقد ترك أديب قديم تعبيرًا عجيبًا لن تجد أبلغ منه، قال : (لا إله إلا الله.. لما عشنا، متنا).
بهذا التعبير البليغ البالغ القسوة نطق القاضي عبد الوهاب البغدادي المالكي، حين ترك بغداد وعاش جائعًا حتى قال وهو يغادر إلى مصر: "والله لو وجدت بين ظهرانيكم رغيفين في كلّ غداة ما عدلت بلدكم بلوغ أمنية" وانطلق لمصر فمات في أوّل وصوله من أكلة اشتهاها، وقال وهو يتقلّب ونفسه تتصعّد هذه المقولة: "لمّا عشنا..متنا" .

في البحث عن بصلة:
هكذا الأدباء في أزمنة متعاقبة، عاشوا، فأدركتهم حُفرة الأدب و "حُرفة الأدب" بضمّ الحاء وسكون الرّاء هي الحرمان وسوء الحظ، مثلما قال الشّاعر:
ما أنصفتني يد الزّمان ولا أدركتني غير حُرفة الأدب
ورغم قلّة ما كتب حول فقر الأدباء، فإنّها واقع مخجل بلا شك، وربّما تحوّلت وتحوّرت الآن لأشكال أخرى منها العجز عن العلاج، والاضطرار للعمل فيما لا يناسب المبدع، لدينا سير مبكية لمبدعين ابتلعهم الفقر، وطحنهم العوز مثل أحمد محرم، وإمام العبد، وخليل مطران، والكاظمي والمويلحي، وابن عروس وغيرهم كثير كثير..
وقد أورد الكاتب محمّد دياب تجربته عن الأدب والفقر والعلاقة بينهما قائلا: أثناء إعداد كتابي "عباقرة الفن والأدب.. جنونهم وفنونهم" بحثت كثيرًا إن كان ثمّة علاقة سببيّة بين الفقر والاشتغال بالأدب، ولم أجد من بين مجموعة الآراء الكثيرة التي قرأتها رأيًا أراه الأرجح في تحليل هذه الظّاهرة مما ذهب إليه عالم النّفس الشّهير حينما يقرر بأنّ كلّ فرد منّا يولد مزوّدًا بقدر محدود من الطّاقة، ولا بدّ أن تجيء القوّة الغالبة المسيطرة على الجهاز النفسيّ كلّه فتحتكر لنفسها كلّ تلك الطّاقة ولا تدع لغيرها إلا النّذر اليسير"
ولعلّ أدباء الدّقهليّة يذكرون الأديب الرّاحل الزّجال الكبير محمّد عبد العزيز ملحة، والذي كان يعمل – وهو في السّبعين- في محلّ خردوات بالسّكة الجديدة بالمنصورة، وكان يقول : (في حداشر شهر تسعة/ خرّجوني لدنيا واسعة/ تهت فيها ولمّا اموت/ حيقولولي في ألف كسعة)
وزمن شاعر كبير مثل أمل دنقل ليس بعيدًا، وقد طالعنا المقدّمة الرّائعة التي كتبها الأديب اليمني الدّكتور عبد العزيز المقالح لديوان صديقه الشّاعر الكبير أمل دنقل، إذ يصف فترة من حياة أمل فيقول: " وقد وصل الحال به وبزميله الشّاعر حسن توفيق إلى أن يتبادلا ارتداء قميص واحد في الحفلات والسّهرات ولعدّة أشهُر، فإذا خرج أحدهما انتظر الآخر في المنزل حتّى يعود زميله"
وهذا الاحتياج هو ما دفع إبراهيم عبد القادر المازنيّ للعمل بالصّحافة، فصار همّه كلّه البحث عن مقال.. يقول المازنيّ : "كذلك أنا زوج الحياة الذي لا يستريح من تكاليفها، أقوم من النّوم لأكتب، وآكل وأنا أفكّر فيما أكتب، فألتهم لقمة وأخطّ سطرًا أو بعض سطر، وأنام وأحلم أنّي اهتديت إلى موضوع" كما يذكر في كتاب (صندوق الدّنيا).
وقد صاغ بيرم التّونسيّ فكرة عجيبة، حين اقترح تكوين فرقة زمر مكوّنة من (العقّاد) و (المازنيّ) و هو، وقد حدد بيرم أسباب اقتراحه بتكوين الفرقة قائلا: ( حيث إن باظ سوق الجرايد/ قوم ندعبس عالمعاش ياما موايد/ مدّها سيدك بلاش فيها فوايد/ اللي يلهف واللي يلهط مستويّة) . ثمّ ينظم الأدوار في الفرقة هكذا: (خذ قفايا وهات قفاك وامسك معايا/ طار صفيح والبس يا واد زعبوط برايه/ وان لبِس "عبّاس" كمان زعبوط وضنأر/ فوقه عمّه مألوظه والشّال مزهّر/ هوّ بالأرغول يتمتم واحنا نجعر/ عالطبل تنجح كمان الكوبانيّة)
وحقيقة لن تجد أفكه ولا أطرف من هذه القصيدة في شعر بيرم على طرافته كلّه، فتصوّر القارئ أنّ عبّاس (الأستاذ العقّاد) وقد ارتدى زعبوطًا، وأمسك "طار صفيح" وفكرة تبادل الأقفية كلّ ذلك يؤكّد قدرة فنيّة مذهلة لدى بيرم، الذي عاش في المنفى – في فرنسا- معيشة لا تناسب بشرًا، ووصل به الأمر عام 1921م كما يروي في مذكّراته أنّه دار في غرفته الخالية من أيّ شيء للأكل، فلم يعثر إلا على "بصلة" فذهب لجاره الفرنسيّ مقترضًا عود ثقاب، وأعدّ الموقد من قاموس عربي فرنسي، ديوان أبي العتاهية، خطابات سيّد درويش والعقّاد وغيرهما وصعد اللهب من الكانون وارتكزت البصلة العزيزة في أحضان أبي العتاهية، والعقّاد، وبحث بيرم عن بصلته فوجدها سقطت مع بدء اشتعال النّار ولم تنضج. فارتضى دفء الحجرة ونام.
السّربوني وما فعله:
ومن أشدّ المواقف التي تصوّر حال بيرم وسخافة بعض المصريين هناك، ما رواه بيرم لزهير مارديني وسجّله في كتاب عنوانه "بيرم التّونسيّ" صادر عن دار إقرأ بلبنان عام 1992م. يقول بيرم إنّ الدّكتور محمّد صبري السّربوني أتى بيرم في مسكنه شاكيًا له ورطة وقع فيها، حيث دعا مجموعة من أساتذته وأصدقائه للغذاء، وهم يريدون طعامًا شرقيًا ، وبيرم أستاذ طهي، فرجاه المساعدة ليتناولوا الطعام سويًا، وقرر بيرم قبول القيام بالأمر كلّه، وذهب للسوق واشترى كلّ ما يحتاجه، وجاء السربوني وأصدقاؤه وصديقاته ونظر للطاهي فإذا بي – بتعبير بيرم- أشرّ عرقًا مرقًا، قدّم بيرم الطّعام فنظر السربوني قائلا له الفرنسيّة الزّاعقة: (يا ولد.. لقد تعبت اليوم، فاذهب إلى دارك واتركنا لحياتنا الخاصّة).
النّديم وسيرته:
عاش النّديم سنوات طويلة بلا عمل، عالة على أصدقائه ومعجبيه، كان دائم الاقتراض من معارفه، لم ينتظم في عمل، تحالف مع الخديو توفيق وتقرّب إليه، واستزاره المدرسة التي أدارها فترة، فزاره، ورجاه أن تنتسب المدرسة والجمعيّة التي أنشأتها لوليّ عهده "عبّاس" فقبل الخديو، وحينما التقى – فيما بعد- رئيس الوزراء أخذ ينافقه كما يقول هو ذاته : "اجتمعت برياض باشا في مصر، وقد أضمر لي الأضر، فنافقته ونافقني، وجاذبته الحديث فوافقني، حتى أخذت منه إذنًا بجريدة التنكيت وما أردت إلا التبكيت" ونعلم بأمر عمله في القصر تلغرافيًا ثمّ طرده، وأمر محلّ له للخردوات ساعده فيه الأصدقاء، ثمّ غلقه بعد أن أفلس..
هذا وغيره كثير يرسم صورة أحاديّة الجانب لنديم، لأنّ هذا الطّرح يخلعه من ظروف وقته سياسيًا، ويجرّده من طبيعة الثّائر وأخطاء الزّعامة، فقد عاش النّديم عمره القصير، فما خان ولا باع ولا بايع على وطنه أحدًا، متحملا النفي والفقر والتشرّد..
حتّى أنّ زوجه "فهيمة بنت مصطفى الحلاويّة" كانت دائمًا تسيء إليه وتغاضبه، وقد لكمته مرّة فكادت تسقط ثنيتيه من الفكّ الأعلى، فربطهما بخيط من حرير، وليته اتّعظ بإمام العبد الذي قرر أن يتألّم وحده بدون زوجة تزيده ألمًا وفقرًا.
وروي أنّه التقى أحد السّائلين وكان سمجًا لحوحًا في السؤال بشاعر النّيل حافظ إبراهيم فسأله أن يعطيه قرشًا فردّ حافظ إبراهيم:
- والله عمرك أطول من عمري كنت حقول كدا برضه.
وربّما نصمت حين نرى ابن دانيال الكحّال، يردّ على سائله قائلا:

"يا سائلي عن حرفتي في الورى
يا ضيعتي فيهم وإفلاسي
ما حال من درهم إنفاقه
يأخذه من أعين النّاسِ"

§ المصدر:
صحيفة القاهرة- الثلاثاء 3من نوفمبر2009م- 15من ذي القعدة 1430ه- العدد 496
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الأدباء إذا جاعوا !
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
البتانون :: القلـــــــــــــــــــم الحـــــــــــــــــــــر-
انتقل الى: