مجلس الشعب
فكرة وأخدناها:
عضو مجلس الشعب هو شخص ذو كرش ضخم، ويدخن السيجار بشراهة، ويناديه الناس بلقب (باشا) أو (إكسلانس)، ودائماً ما يكون تاجر مخدرات أو رجل أعمال منحرف، وغالباً ما نراه وهو (جمع رشوة ويدبر الحيل القذرة لكي ينجح في الانتخابات، أو على أحسن تقدير يكون يدفع الرُشا رجلا "غلبان" و"دماغ مع نفسه" وينام طوال اجتماعات المجلس ولا يستيقظ إلا عند التصويت و.. موافقة!!
هذه باختصار هي الصورة السينمائية التي نعرفها جميعاً عن عضو البرلمان (مجلس الشعب)، والحقيقة بالتأكيد تختلف كثيراً عن هذا... بالطبع قد تكون هذه الصورة موجودة في الواقع، ولكنها من المؤكد لا تعبر عن الجميع..
لكن إيه هي حكاية مجلس الشعب؟
شوية تاريخ:
تاريخ المجالس النيابية في مصر عريق حقاً.. ففي عهد "محمد علي" عام 1824 تم تكوين (المجلس العالي) الذى يعد أول مجلس نيابي في تاريخ مصر الحديث الذي يتم اختيار بعض أعضائه بالانتخاب ويراعى فيه تمثيل فئات الشعب المختلفة..
وفي يناير 1825 صدرت اللائحة الأساسية للمجلس العالي وحددت اختصاصاته بأنها (مناقشة ما يراه أو يقترحه محمد على فيما يتعلق بسياسته الداخلية..).... أدى نجاح المجلس العالي إلى إنشاء مجلس آخر في عام 1829 هو مجلس المشورة الذي يعد نواة مهمة لنظام الشورى، حيث تألف هذا المجلس من كبار موظفي الحكومة والعلماء والأعيان برئاسة إبراهيم باشا (ابن محمد علي)، وقد ضم هذا المجلس 156 عضواً: منهم 33 عضواً من كبار الموظفين والعلماء، و24 عضواً من مأموري الأقاليم، و99عضواً من كبار أعيان القطر المصري يتم اختيارهم عن طريق الانتخاب.
هي دي البداية:
شهد عام 1866 الخطوة الأهم في تطور الحياة النيابية في مصر بإنشاء (مجلس شورى النواب) في عهد الخديوي إسماعيل فهذا المجلس يعد أول برلمان يمتلك اختصاصات نيابية حقيقية، وليس مجرد مجلس استشاري كما كان أيام محمد علي.
وتأثرت لوائح المجلس بشدة بالنظم البرلمانية التي كان معمولاً بها في أوروبا في ذلك الوقت، خاصة البرلمان الفرنسي، وتكون مجلس شورى النواب من 75 عضواً منتخباً من قبل الأعيان، ومع مرور الوقت اتسعت صلاحيات المجلس شيئاً فشيئاً، وبدأت تظهر نواة الاتجاهات المعارضة.
وقد ساعد على هذا التطور انتشار أفكار التنوير على يد مجموعة من كبار المفكرين والكتاب، إضافة إلى ظهور الصحف في ذلك الوقت مما عزز المطالبة الشعبية بإنشاء مجلس نيابي له صلاحيات تشريعية ورقابية أوسع.
وانعكست هذه المطالبة فى عام 1878 عندما أنشئ أول مجلس وزراء في مصر (مجلس النظار) وأعيد تشكيل البرلمان، ومنح المزيد من الصلاحيات، وإن ظلت بعض الأمور خارجة عن اختصاص المجلس، وبعد تولي الخديوي توفيق الحكم، أصدر أمره السامي.. بحل البرلمان!
وكانت الضربة القوية:
و في 9 من سبتمبر 1881 اندلعت الثورة العرابية وكان من بين مطالبها تشكيل مجلس للنواب، وبالفعل أجريت الانتخابات لمجلس شورى النواب، وقد افتتح المجلس الجديد الذي سمي (مجلس النواب المصري) في 26 من ديسمبر عام 1881، وكان من صلاحيات هذا المجلس مساءلة الوزارة، فكانت الوزارة مسؤولة أمام المجلس النيابي المنتخب من الشعب، والذي كانت له أيضاً سلطة التشريع، وحق سؤال الوزراء واستجوابهم.
وهكذا أرسيت قواعد الممارسة الديمقراطية البرلمانية في مصر على نحو تدريجي، إلا أن ذلك لم يدم طويلاً؛ حيث انعقد (مجلس النواب المصري) من 26 من ديسمبر 1881 إلى 26 من مارس 1882، ثم قامت بريطانيا باحتلال مصر عام 1882، و ترتب على ذلك إلغاء (مجلس النواب المصري) وتكوين عدد من المجالس الصورية التي لا تسمن ولا تغني من جوع، واستمر الأمر على ذلك حتى اندلعت الثورة المصرية في عام 1919 مطالبة بالحرية والاستقلال لمصر، وإقامة حياة نيابية وديمقراطية كاملة.
وأسفرت هذه الثورة عن صدور تصريح 28 فبراير 1922 الذي اعترف بمصر دولة مستقلة ذات سيادة (مع وجود تحفظات أربعة)، كما تضمن إنهاء الحماية البريطانية على مصر.
واستناداً إلى هذا الواقع الجديد.. تم وضع دستور جديد للبلاد صدر في أبريل عام 1923، والذي نص على إنشاء مجلسين هما: مجلس الشيوخ ومجلس النواب. وبالنسبة لمجلس النواب نص الدستور على أن جميع أعضائه منتخبون، أما مجلس الشيوخ فكان ثلاثة أخماس أعضائه منتخبين، وكان الخمسان معينين.
لقد كان البرلمان الذي نص عليه الدستور المصري الصادر عام 1923 خطوة متقدمة في طريق الحياة البرلمانية والنيابية في مصر، إلا أن الممارسة على أرض الواقع جاءت مشوبة بالعديد من السلبيات، فتراوحت الحياة السياسية خلال الفترة من 1923 ـ 1952 ما بين فترات مد ديمقراطي وشعبي محدودة، وفترات انحسار نجمت عن تدخل من سلطات الاحتلال والقصر شغلت معظم هذه الفترة، الأمر الذي أسفر عن حل البرلمان نحو عشر مرات.
وهكذا تردت الأوضاع الدستورية؛ لأسباب داخلية وخارجية لتصل إلى الحالة التي كانت عليها البلاد قبل ثورة 1952، والتي اتصفت بقدر كبير من عدم الاستقرار السياسي والحكومي، لدرجة أن مصر قد تعاقب عليها 40 وزارة، وتعديلا وزاريا، خلال الفترة من 1923 ـ 1952م.
وبعد قيام ثورة 23 يوليو 1952 في مصر والتي كان من مبادئها الأساسية مبدأ (إقامة حياة ديمقراطية سليمة) تم في عام 1956 إصدار الدستور الجديد (وذلك بعد أن قامت الثورة بإلغاء الدستور السابق وإعلان الجمهورية وحل الأحزاب) وتم بمقتضاه تشكيل (مجلس الأمة) في 22 من يوليو 1957 من 350 عضواً منتخباً، وقد فض هذا المجلس في 10 فبراير سنة 1958 وذلك لقيام الوحدة بين مصر وسوريا، والذي ترتب عليها إنشاء مجلس أمة مشترك من المصريين والسوريين، وعقد أول اجتماع في 21 من يوليو 1960 واستمر حتى 22 يونيه عام 1961، ثم وقع الانفصال بين مصر وسوريا في28 سبتمبر 1961.
وفي 11 سبتمبر 1971 صدر الدستور القائم حاليا في مصر، الذي طور دعائم النظام النيابي الديمقراطي مؤكداً سيادة القانون واستقلال القضاء، وأقر مبادئ التعددية الحزبية في إطار المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصري.
وشهدت الفترة التالية تحولات ديمقراطية متنامية، ففي عام 1976 أجريت الانتخابات التشريعية على أساس تعدد المنابر داخل الاتحاد الاشتراكي العربي، (وهو التنظيم السياسي الوحيد الذي كان قائما في ذلك الوقت).
وفي عام 1979 أجريت أول انتخابات تشريعية في مصر على أساس حزبي، وذلك لأول مرة منذ إلغاء الأحزاب السياسية في مصر عقب ثورة يوليو 1952، شارك فيها عدة أحزاب سياسية تكونت بعد صدور قانون الأحزاب السياسية في عام 1977م.
بلاش نتكلم في الماضي..
في إطار دستور1971 (المعمول به حالياً) أصبح البرلمان المصري يحمل اسم ( مجلس الشعب)، ويتكون مجلس الشعب من أربعمائة وأربعة وأربعين (444) عضواً يختارون بالانتخاب المباشر، وعدد الدوائر الانتخابية (222) دائرة ينتخب عن كل منها عضوان أحدهما على الاقل من العمال والفلاحين على أن يتم الانتخاب تحت إشراف أعضاء من هيئة قضائية، بالإضافة إلى عدد من الأعضاء يعينهم رئيس الجمهورية لا يزيد عددهم عن عشرة، فيكون العدد الإجمالي لمقاعد مجلس الشعب(454) مقعداً، ويجب أن يكون نصف الأعضاء المنتخبين على الأقل من العمال والفلاحين.
ومدة عمل المجلس خمس سنوات ميلادية من تاريخ أول اجتماع له ويجري الانتخاب لتجديد المجلس خلال الستين يوما السابقة على انتهاء مدته.
مهام مجلس الشعب:
- يتولى سلطة التشريع ويقر السياسة العامة للدولة.
- يقر مجلس الشعب الخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والموازنة العامة للدولة.
- يمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية.
- يضع مجلس الشعب القوانين الخاصة بالضريبة العامة وتعديلها أو إلغائها.
- يعتبر الوزراء مسؤولين عن أعمالهم أمام مجلس الشعب ومن حق المجلس محاسبتهم وتوجيه الأسئلة والاستجوابات للاستفسار عن أداء الوزراء في تنفيذ القوانين التي أصدرها المجلس.
- يجوز للمجلس سحب الثقة من أحد الوزراء إذا رأى المجلس تقصيراً من الوزير وفي هذه الحالة على الوزير أن يعتزل منصبه.
- ولمعرفة المزيد من عن مجلس الشعب من الممكن أن تزور موقعه على: www.assembly.gov.eg
